من بداية التاريخ ودائما كان الصراع والتنافس أمميا قبل أن يكون دينيا أو عرقيا، و إن كان في بعض الأوقات يأخذ طابع هذه المسميات الثلاثة، وهذا الشيء نشاهده اليوم بين بين روسيا والصين والعرب والفرس وأوروبا وأمريكا، وإن كانت أمريكا شكلا جديدا في مفهوم الأممية.

نشهد اليوم التنافس الحاد بين الأمم، وكل فترة يمكن تحديدها من 70 إلى 100 عام بدورة التشكيل الأممية، ويمكننا شرحها بشكل مبسط أكثر، أي أن التنافس العالمي الأممي يتشكل في هذه الفترة مثل تصفيات كأس العالم، الذي في كل دورة تُحدد القوى المتنافسة في الساحة التي ستستحوذ وتتوسع، ويكون لها الموارد المختلفة حسب متطلبات العصر.

إن هذه الدورة التنافسية تشبه الدائرة التي بها فترة بداية وفترة ازدهار ونهاية تجمع متنافسين (دول) في الساحة بشكل تنافسي جديد، فالتنافس بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية في الحرب الباردة النووية يختلف كل الاختلاف عن الحرب بين الصين والولايات المتحدة التقنية والمعلوماتية والتجارية.

ومن خلال هذه الدول التي تتنافس من الممكن تحديد الدول الصاعدة والأمم المتقدمة التي تحاول الصعود، فمصطلح (المارد الصيني) يعبر عن صعود الصين الذي كان يعتبر مفاجأة للعالم، وفي الحقيقة لم يكن مفاجأة للدول العظمى ولكن إستراتيجيات الصين وسياساتها الخارجية وقوتها الناعمة جعلت الأنظار كلها تتجه للصين، لأنه يمكن التنبؤ بالجانب العملي الاقتصادي الذي تقوم به الصين، ولكن يصعب التنبؤ بالجانب العاطفي والناعم الذي تخاطب به الصين دول العالم. والنقطة الأهم هي أين أمتنا العربية بين هذه الأمم؟؟ ومتى سنصل للقمة؟؟ من حقوقنا كأمة لها لغتها ودينها وثقافتها أن تكون مهيمنة ومسيطرة وقوى لا تقهر، أمانينا يجب أن نقبلها نحن أولاً ونراها ونؤمن بها، لأن الغرب -والأمم المتحدة- لا يريدنا أمة بل يريدنا شتاتا في العالم، ولن يدعمنا بقطعة خبز طالما نريد النهوض، ولكن سيصفق لنا إلا إذا رضخنا.

إن بعض الأمم الأخرى تدعم تفرقنا وشتاتنا وتدعم أي تغيير يدعم مصالحها داخلنا، ولا يمكن تمزيق مشاريعهم إلا بوحدة القلوب والصفوف قبل الجيوش والعتاد.

وإن الإسلام الذي هو الطابع الروحي الذي يغطي ملامح أرواحنا في كل العالم الإسلامي باختلاف لغاته وثقافاته، يجعلنا أقوى لأنه جعل التقوى قبل اللون والعرق، فليس لدينا عرق إسلامي ولكن لدينا نفس مسلمة.

وضعف الأمم يأتي بسلبها طابع العمل، وتعطى الوهم، وتعيش هذه الأمة على الوهم، فهذا الوهم الكبير يقنع الإنسان بأن المؤامرات حوله أو أنه الضحية وغير مسؤول، ويعيش الإنسان محاولا إنقاذ نفسه عن طريق الانغماس في أي شيء يبعده عن الواقع سواء الدروشة بجميع أنواعها القديمة والحديثة، أو الانغماس في الملذات، محاولا هذا الإنسان دائما البحث عن شيء خارجي يلومه أو يسعده، ومن هنا يأتي اللجوء للدجالين والسحرة والمشعوذين، لأن الإنسان لا يريد أن يرى حقيقته، فالشكوى والإحساس بأنه مسحور أسهل بكثير من تغيير سلوكيات الفرد والنظر إلى نفسه.