مواجهة المشكلات ومحاولة التوصل إلى إيجاد الحلول المناسبة وفي الوقت المناسب تتطلبان امتلاك الخبرات، بالإضافة إلى إجادة مهارات وفنون وراثية ومكتسبة، فتلك من الأدوات المهمة التي يجب أن يتسلح بها كل أحد. المشكلات التي تواجهنا وتعترضنا فجأة؛ ستسهم في لخبطة أوراقنا، وتتفنن في تعطيل أو تأخير خطة سيرنا نحو تحقيق أهدافنا، التي تعبنا ونحن نرسمها بمداد صحتنا ونكتبها بأقلام أحلامنا، في صحائف سيرة ومسيرة حياتنا، لا شك أنها مختلفة ومتباينة، وتتدرج في السهولة والصعوبة، فمنها متعددة الحلول، ومنها التي لا تقبل القسمة إلا على واحد، أي لا تقبل إلا حلا وحيداً فقط، ونوع ثالث قد يصعب حله من أول محاولة، بيد أنه غير مستحيل الحل، بل يحتاج إلى وقت أطول وجهدٍ مضاعف.

وكل مشكلة بغض النظر عن مدى صعوبتها أو سهولتها يمكن التوصل إلى حلها بعد وضع الخطة المناسبة، سواء طويلة المدى، أو قصيرة المدى.

هذا الأسلوب في حل المشكلات يشترك فيه معظم الناس، لكن هناك فئة من البشر وهبهم الله سَداد الرأي عند المفاجأة، فهم سريعو الفهم والإدراك، وتلك الصفة لصيقة بهم دون غيرهم، فأصحابها يتميّزون بالقدرة على فهم الأمور وتحليلها منذ اللحظة الأولى، فهي مسألة مُرتبطة بالدماغ البشري، وقدرته على الربط السريع بين المعلومات والأفكار والمواقف والأحداث، وهذا ما يطلق عليه سرعة البديهة.

حكى أبو حنيفة عن قصة وقعت له فيها من حسن التصرف والحكمة الكثير، فقال: كنت أسير في الطريق واحتجت إلى شربة ماء بالبادية، فمر أمامي أعرابي يحمل معه قربة من الماء، فرفض أن يبيعني إياها إلا بخمسة دراهم، فدفعت إليه الدراهم ولم يكن معي غيرها، وهنا تأتي سرعة البديهة والحكمة، فلنكمل القصة، وبعد أن ارتويت قلت: يا أعرابي هل لك في السويق (نوع من الطعام مثل الخبز الجاف) قال، أعطني فأعطيته السويق الجاف فأكل منه حتى طلب الماء وعطش، ثم قال: ناولني شربة ماء، فقلت القدح بخمسة دراهم فاسترددت مالي واحتفظت بالقربة.