أقدار الله، سبحانه تعالى، لا يمكن أن يفر منها أحد من البشر أبدا، مهما عمل من احتياطات، وصلى الله وسلم وبارك، على هادي الخلق، وملهمهم رشدهم، القائل لسيدنا ابن عباس، رضي الله عنهما: «واعلم أن ما أصابك لم يكن ليُخْطِئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك».

في المقال هنا، سأكتب عن تجربة لمسافر سافر لدولة الإمارات المتحدة الشقيقة مع عائلته، وقبلها ووفق التعليمات عملوا جميعا الفحوصات المخبرية اللازمة، كما تريدها شركة الطيران، وبعد الوصول أعادوا الفحوصات كما تنص عليها تعليمات إمارة أبوظبي، وبعد ساعات من الوصول لمقر إقامتهم، كانت المفاجأة غير السارة، أن نتيجة أحدهم إيجابية، وأنه مصاب بكورونا.

العائلة لم تصدق، وبدأ الفزع يدب في أعضائها، ومعه بعض الحيرة عن تباين النتيجة قبل المغادرة، وبعد الوصول، ثم هداهم الله لإعادة الفحص، في إحدى المراكز المفتوحة على مدار الساعة، لعل وعسى أن تكون النتيجة خاطئة، وللأسف تأكدت الإصابة، ووصلت رسالة رسمية على الجوال بأن على المصاب التوجه للمستشفى المختص للتسجيل وأخذ التعليمات، ورسائل أخرى لكل فرد من أفراد العائلة بأن عليه أن يحجر نفسه، أسبوعا كاملا، وبعدها سيعاد الفحص، وفي حال عدم الالتزام سيطبق القانون.

تعرفت العائلة هناك على الحلول الذكية الكبيرة، والجهود التي تقدمها وزارة الصحة ووقاية المجتمع، بدولة الإمارات، لمكافحة كورونا؛ يقف خلفها وزير مخلص، هو عبدالرحمن العويس، وفريق عمل دؤوب، وصادق وأمين، ومعهم جنبا إلى جنب أعضاء «دائرة الصحة بأبوظبي»، و«شبكة» مبادلة للرعاية الصحية، إحدى أهم مناشط شركة مبادلة للاستثمار، التابعة لحكومة أبوظبي، وعدد لا بأس به من مزودي الخدمات الصحية؛ ومن أبرز الحلول «الدكتور الافتراضي لكوفيد19»، و«تقنيات الذكاء الاصطناعي لرصد مخالفات كوفيد19 في مركبات الأجرة»، وهاكاثون «مليون مبرمج عربي» ضد كورونا، وتطبيق «تتبع مخالطي المصابين بكوفيد19»، (Tracecovid)، وتطبيق»ابق في المنزل (StayHome)«، و»منصة الرعاية الصحية عن بُعد«، و»الخوذة الذكية لرصد كوفيد19«، وغير ذلك من ابتكارات، تستحق كامل الشكر والتقدير.

مما أبهر العائلة المعنية، احترافية وإنسانية التعامل مع المعزول والمخالطين، في الدولة، وأبوظبي بالخصوص؛ ابتداء من تخيير المصاب بين العزل في مكانه، أو في أماكن مخصصة، ومن يختار العزل في مكانه المناسب، تتم زيارة فريق متخصص له لإلباسه دون مقابل سوارا إلكترونيا ذكيا، يعمل كجهاز تتبع ومراقبة، ويتم ربطه بالتطبيق الخاص بتتبع واختبارات كورونا»الحصن«، للتأكد من أن من ينطبق عليه العزل سيمكث في بيته طوال مدة العزل، فضلا عن تحديد وتتبع موقعه، للتأكد من عدم مخاطرته بصحة غيره؛ وليس هذا فقط فهناك مبادرة رائعة اسمها»الكتاب رفيق العزلة«، عبارة عن كتاب إلكتروني، يتم إرساله من فريق برنامج العزل المنزلي، بواسطة الجوال، مع تمني التعافي السريع، بالإضافة لإحضار ثلاث وجبات يومية مجانية للمعزول في داره، كل وجبة في وقتها، مع متابعة هاتفية دائمة، وفحوصات مخبرية مستمرة له، في مكان عزله.

أختم بأن فايروس كورونا، وإن كان ضيفا ثقيلا، إلا أن مرحلة ما بعد التعافي منه، تستحق كثيرا من المبادرات والخطط؛ التي يمكن بها المحافظة على إيجابيات كورونا، وما أكثرها.