تزخر منطقة عسير بموروث حضاري وثقافي، وإرث تاريخي من الفنون والتراث والشعر، لعلي في هذه العجالة أن آتي على بعض قاماته الذين كان لهم حضور آخَّاذ ومميز في المناسبات الوطنية؛ شعرا ولحنا.

أولا: واحد رموز الشعر الشعبي في منطقة عسير النابغة الشاعر «علي بن محمد بن شاهر عسيري» الملقب بـ «ابن عشقه»، رحمه الله، من جبل الأشقر بسودة عسير، شدى طويلا بأجمل القصائد في لون الخطوة والدّمة بأبيات ومعاني تتسلل إلى القلب فتفعل فيه الأفاعيل، تغنى الكثير بألحانه ورددوها، حتى أصبح نادرا ما تسمع لحنا عسيريّا يخلو مطلعه من «قال أبن عشقه».

ثانيا: الشاعر الفطن «علي بن خبية الثوابي العلكمي العسيري»، رحمه الله، الذي أتقن الشعر مبكراً بقريحة متوقدة في الخطوة والدّمة.

ثالثا: الشاعر الفريد «مريّع بن ملفي العسيري»، رحمه الله، من أعيان قبائل «آل سعيدي» بعسير، كفيف البصر، ثاقب البصيرة، له مشاركات عديدة منها مهرجان «الجنادرية»، كثيرا ما كان يضفي على قصائده روح الدعابة العفوية بنكهة كوميدية لطيفة.

رابعا: الشاعر المرموق الدكتور «محمد بن علي العَمري»، عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد، نشأ في أسرة كريمة من وجهاء قرية «آل وليد» بقبيلة «كعب»، خاله الفريق سعيد العَمري، نائب رئيس هيئة الأركان العامة سابقًا،ذلك «البروفيسور» الذي جمع بين الشعر والأدب، شاعر الفصحى الأديب المبهر شدى للوطن بقصائد درر من الذهب الخالص المرصّع بالألماس، رجل نحرير، وموسوعة ينبعث منها نور اللغة العربية وطرق تصويب نطقها، في انتقاء ثري بالذائقة اللغوية.

وفي لقاء تلفزيوني في برنامج «الليوان»، شرح بأسلوب فريد وعميق عروض «لغة الضاد» وأدابها (أدعو الجميع مشاهدة ذلك اللقاء الشيّق).

خامسا: الشاعر المبهج الوضَّاء «عبدالرحمن بن مالح العمري»، صاحب قريحة فذّة تفيض بأبيات غزيرة المعاني تأخذك لعَبَق المجد والمعالي، له مشاركات لافتة في العديد من المناسبات الوطنية والاجتماعية.

سادسا: الشاعر الإبداعي المتجدد «عوض بن ركيب السرحاني»، له العديد من القصائد في لون «الخطوة» القديمة والجديدة، بأبيات وألحان تلامس الوجدان، له تعاون مع الفنان والملحن الأنيق «محمود سعيد» الذي يعد من أوائل من لحّن لون «الخطوة» و«الزّحفة» وطرّاق الرعاة و«مواويل الوَلَه»، بمصاحبة الآلات الموسيقية الحديثة، بجهود ذاتية وألحان خلاّبة، وعلى هامش لقاء جمعني به حدَّثني بحسرة عن شُح الدعم لموروث التراث.

وبما أن التراث هوية تستوجب الحفاظ عليها؛ لعل فرع جمعية الثقافة والفنون في أبها يولي ذلك اهتمامه المعهود، والعرض لأنظار أمير المنطقة لتكريم المهتمين بهذه الهوية ضمن جائزة أبها القادمة.