في بداية إرسال التليفزيون السعودي، وهو أسود وأبيض، في 1386هـ، كـان الكل يفكر ويتطلع إلى أعـمـال درامية تليفزيونية تكون لها تلك القيمة الدرامية المقنعة التي تثبت للمهتمين بالأعمال التليفزيونية مكانتهم، وأهمية دورهم في هذا المجال، لكن المؤلف آنذاك للأعمال الدرامية المحلية كان غـيـر موجود، وإن وجد فأعماله محدودة، وليست لديه تلك تجربة خوض مجال الدراما التليفزيونية، لأن جهوده كانت محدودة على مستوى الدراما الإذاعية، وتجربة الممثلين أيضا كانت محدودة، في إطار إسـتوديوهات الإذاعـة، وميكروفوناتهـا، ومـسـرحها الإذاعي، والقلة الذين لديهم خلفية في مجال إخراج الأعمال الدرامية، وإن وجد أحد منهم، فإنه ربما يكون بعيدا عن التليفزيون.

لهذا، فقد أصبح التفكير لدى المسؤولين في التليفزيـون إيجاد كوادر في هذا المجال.

وفي أول عمل تليفزيوني، بعد إرسال التليفزيون، كان سهرة بعنوان «عتقاء أبي بكر»، وهي من الأعمال التاريخية التي تحتاج إلى كوادر، من مؤلف ومخرج وممثلين أكفاء، يـتـقـدمـون بهذه الأعمال، ولذا فقد شكّل لهـذا العـمـل فـريـق، للبحث عن عناصر تقوم به، فوجد المؤلف، وكان آنذاك الأستاذ عاطف الجعار الذي له أعماله التاريخية للإذاعة، وشهدت له الدراما الإذاعـيـة الكثير من الأعمال فيما بعد، وجرى البحث عن المخرج، وإذا بهم يجدون في الأعـمـال الأسـتـاذ مـحـمـد داود العـوري، وهو آنذاك كـان مـخـرجـا للإذاعـة، أو بالأصح كان مخرجا تليفزيونيا، لكنه كان يعمل في كادر الإذاعة مخرجا..

وبعد التعرف على ميوله، نقلوه إلى التليفزيون، وجرى البحث عن ممثلين لأدوار الشخصيات التليفزيونية لذلك العمل التاريخي المهم بالنسبة لتلك الفترة ولبداية التليفزيون.

وبعد استعراض الممثلين والموهوبين الموجودين في الإذاعة، ثم اختيار عدد منهم، ومنهم محمد حمزة، والشريف محمد العرضاوي، وعبدالستار صبيحي، وجواهر بنا، وحمدان شلبي، والمخرجون آنذاك: طارق ريري، وسعد الفريح، وعلي منشاوي، وكانوا آنذاك ينخرطون في مـجـال الإخـراج، ويـتـعـلـمـون ويـجـيـدون التصوير التليفزيوني، وأجريت البروفات على مدى ستة أشهر.. وبعد بروفات مضنية، ومع كل العناصر المشاركة في العمل، كان من المقرر أن يـخـتـار بطل العمل في دور «أبي جهل» من خـارج المملكة، ويكون ممثلا عربيا متمكنا، لأهمية دور شخصية «أبي جهل».

وبعـد أن أجـريـت الـبـروفـات الجـادة، إذ بالمخرج والمعـد يجمعان على اختيار الفنان محمد حمزة في دور «أبي جهل».

بالطبع لم يستمر كل من الأستاذ طارق ريري ولا سعد الفريح في العمل الدرامي، وانسحبا منه، وبقي الأستاذ علي منشاوي الذي أصبح اليوم أحد مخرجي التليفزيون المعروفين فيه.

1991*

* صحافي سعودي «1934 - 2011»