حين يتحدث الناس في مجالسهم، وبين أسرهم وجيرانهم ويغردون في منتدياتهم الرقمية عن سحائب أضاءت وتضيء برقا، تهطل خيرا على من خطف القلق لحظات بهجتهم وجففت الأيام حدائق أحلامهم، فإن مدن وقرى منطقة عسير تطرز على ذاكرتها سطورا منقوشة من اللؤلؤ، عن هذا المد الإنساني الأخضر الذي يتدفق برا وإحسانا وجبرا للخواطر.

ومهارة المعروف واستباق الحاجات وتفريج الكربات، هبة من الله الكريم المنان لمن يشاء من عباده، الذين ينطبق عليهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم، أن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر.

وأفرد مؤرخون وأدباء في كتبهم عبر العصور صوراً من صنائع المعروف، بقيت خالدة في حياة الأمة، تناقلتها الأجيال وسارت بها الركبان، وتركت أثراً طيباً لن يندثر.

في هذا العهد الزاهر تشع من وطن المجد والأمن والبناء، المملكة العربية السعودية، منارات العطاء بأمواجها الراكضة المتدفقة على أديم الأرض، وموجات تطاول عنان السماء بإنسانيتها، تطبطب على أكتاف أرهقتها عوادي الدهر، وتعيد الابتسامة إلى نفوس منكسرة لتفتح لها من جديد نوافذ الأمل والفرح، وتبارك عزم الخطوات نحو آفاق العمل والحياة والاطمئنان.

تكررت مواقف كثيرة ومشاهد إنسانية مؤثرة في منطقة عسير، بعيدا عن عدسات المصورين والإعلام، لكن صنائع المعروف أكاليل ورد ينتشر عبيرها الفواح، بين الناس بسرعة الضوء لأن النفوس البشرية بطبيعتها، تميل إلى الاستئناس بأخبار وقصص الشيم والعطاء وقضاء حوائج الناس.

ورغم ارتباطات الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز، أمير منطقة عسير ومتابعته الدائمة لمشروعات التنمية في عسير، وخططها الإستراتيجية ومسؤولياته المتعددة، فإن ذلك كله لم يمنعه وفقه الله أن يتلمس احتياجات الناس، على قمم الجبال والسفوح والأودية، وعلى جنبات الطرق في السراة وتهامة. لم أقرأ من قبل أو أسمع أن مسؤولا يسير في الطريق، يسأل مواطنا أين يتجه؟ وعندما أخبره أنه ذاهب إلى بلدة رُجال التاريخية في تهامة عسير، قال له.. سر على بركة الله عندما تصل تجد أنه تم الترتيب لزيارتك بما يحقق لك ولمن معك المتعة والفائدة.

نعم حدث هذا الموقف في عسير، ومن سمو أمير منطقة عسير. ويأتي موقف آخر تعجزالكلمات عن وصفه، وتتلاشى المعاني في تجسيد لحظاته... قمة العطاء وجبر الخاطر كانت من نصيب مواطن، تعطلت به سيارته القديمة وصادف مرور سموه على نفس الطريق، ليتوقف ويسأله ويطمئن عليه، ثم يصطحبه الإلى معرض سيارات ويمنحه سيارة جديدة.

وفي حي السامر بأبها الذي أسكن فيه، فوجئ أهالي الحي قبل أيام بوقوف سموه شخصيا على مشكلة تضرر منها بعض السكان، بسبب تجمع مياه الأمطار، ووجه رعاه الله المختصين في الأمانة بسرعة إنهاء هذه المعاناة، ولم أعلم إلا باتصال هاتفي من جاري المربي ومراقب المسجد إبراهيم محمد آل مريع، حين أخذ يلهج بالدعاء إلى الله أن يوفق المخلصين لكل خير وأضاف «نعتز بالقدوة الحسنة من الأمير الإنسان تركي بن طلال، المسؤول الحازم الذي يسعى إلى الوقوف مع المواطنين، والسهر على راحتهم».

ومنذ أسابيع كنت مدعوا في مناسبة، وإذا أحد الأقارب يتوسط مجلس الأسرة ومحياه على غير العادة يتهلل فرحاً وسرورا، وأخذ يسرد قصة حضوره إلى مكتب سيد العطاء وصاحب القلب الكبير، في أجواء من السكينة والتعاطف، وكادت الدموع تسقط من عينيه حين ختم كلامه قائلا:

«والله لم أغادر مكتب سموه إلا وقد جاء الفرج من الله، حيث وجه المختصين بسرعة إنهاء معاناة أسرتي في نفس اليوم وأكرمني، وعلمت أن الرعاية والاهتمام نالها الذين قبلي ومن حضروا بعدي وما أكثرهم».

المواقف كثيرة لكن الأجمل لحظات الفرح والفرج، التي أزاحت عن أولئك وجع الأيام وأطفأت لهيب الأحزان.

ولست أمدح هنا بقدر ما هي ملامح إنسانية مؤثرة في النفوس، تجعل من الواجب الحديث عنها ليعلم القريب والبعيد، سر معادلة الولاء والمحبة المتبادلة والراسخة في القلوب.

وصدق الشاعر الدكتور زاهر الألمعي حين قال:

«مدحتُ لوجه الحق لا أبتغي يدا

ومن يمتدح في مطمع مدحه ذمُ

ولكن وفاءً للحقوق وأهلها

فإن انتقاصَ الشهم من حقه ظُلمُ»

أليس من حقنا كمواطنين أن نفتخر بين أمم الأرض بقيادتنا الوفية المخلصة، في وطن أعزه الله ورفع شأنه؟!.