الدعوة إلى التعددية الحزبية قولا أو ممارسة، دعوة باطلة، أيًّا كان مسماها، فنحن في هذه البلاد المسلمة المملكة العربية السعودية على دين صحيح وهو الإسلام، ومنهج مستقيم وهو منهج السلف الصالح، ومجتمعون تحت إمام واحد له البيعة في أعناقنا وله السمع والطاعة، وهو خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، فأي تحزبات وتكتلات واصطفافات مُنشقَّة عن جماعة المسلمين وإمامهم، فهي ممنوعة، لأنها كما قال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله: دولة داخل دولة، فقد سئل رحمه الله عن حكم قيام طائفة من الناس بعمل جماعي تنظيمي يقتضي الأمر والنهي، دون إذن الحاكم المسلم؟

فأجاب شيخنا بقوله: «ليس لها أن تفعل ذلك لأن هذا يعني حكومة داخل حكومة، وولي أمر داخل ولي أمر».

فالتنظيمات المنشقة عن جماعة المسلمين وإمامهم، باطلة، لأنها تخالف مقتضى البيعة والإمامة لولي الأمر، وفي الحديث (من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة، فمات، فميتته ميتة جاهلية) رواه مسلم، فالتحزبات خروج عن الطاعة، ومفارقة للجماعة، وقد قال الله تعالى (وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُون)، ومن مساوئ التحزب حتى على مستوى الفرد نفسه، أنها تجعل المتحزِّب لا يقبل الحق إذا جاء من غير حزبه، بل ربما يرده، ويُسَوِّغ الباطل إذا جاء من حزبه، وتجعله مقيدًا لا يستطيع أن يُعبّر عن رأيه الذي يراه صوابا، لأنه متابَع من قِبل الحزب، وهو يدور في فلَكهم، وقد قال شيخ الاسلام ابن تيمية عن هؤلاء المتحزبين (يغضبون على من خالفهم وإن كان مجتهدا معذورا لا يغضب الله عليه، ويرضون عمن يوافقهم، وإن كان جاهلا سيئ القصد، ليس له علم ولا حسن قصد، فيفضي هذا إلى أن يحمدوا من لم يحمده الله ورسوله. ويذموا من لم يذمه الله ورسوله. وتصير موالاتهم ومعاداتهم على أهواء أنفسهم لا على دين الله ورسوله).


بينما من عافاه الله من التحزب، وهداه إلى الحق، فإنه يقول ما يراه حقًّا، ولا ينظر لرغبة الحزب وإملاءاتهم، وفي هذا يقول ابن القيم رحمه الله: (فمن هداه الله سبحانه إلى الأخذ بالحق حيث كان، ومع من كان، ولو كان مع من يبغضه ويعاديه، ورد الباطل مع من كان ولو كان مع من يحبه ويواليه، فهو ممن هدى الله لما اختلف فيه من الحق) أما الحزبية فهي بضد ذلك تمامًا، وهي - أي الحزبية- أيضًا مخالفة لوصية النبي صلى الله عليه وسلم وهي قوله: ( تلزم جماعة المسلمين وإمامهم) والذي يتحزب لطائفة لم يلزم جماعة المسلمين وإمامهم، وإنما لزم حزبه فقط، والحزبية كما هو معلوم: تفرق وانشطار عن جماعة المسلمين وإمامهم.

ولا ريب أن إنشاء أحزاب أوجماعات داخل دولةٍ قائمة لها جماعة وإمام، يُعَد منازعة لولي الأمر، وفتحًا لباب الشر، ولا يُلتَفت لمن يقول ننشئ حزبًا نافعًا، لمواجهة وقمع حزب ضار، فهذا من تلبيس إبليس، فالحق هو الذي يدمغ الباطل، ولايُرد الباطل بباطل مثله، قال تعالى ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ﴾.

وبلادنا السعودية بحمد الله تمنع كل ما يؤدي إلى الانقسام وتفتيت الوحدة، ففي المادة 12 من النظام الأساسي للحكم ما يلي (تعزيز الوحدة الوطنية واجب، وتمنع الدولة كل ما يؤدي للفرقة و الفتنة والانقسام).