طالب مهتمون بإيجاد لجان فاعلة تتولى التنسيق بين جهات القطاع العام من جهة، وبينه وبين القطاع الخاص من جهة أخرى، وذلك فيما يتعلق بالمشاريع التنموية التي تتنامى على نحو ملحوظ في مختلف أصقاع المملكة، ويتعرض كثير منها للتعثر وإهدار الأموال نتيجة غياب التنسيق.

ويلحظ هؤلاء المهتمون تضاربًا كبيرًا بين تنفيذ المشاريع وتشتتًا بين الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية، مما يؤثر سلبًا بالتأكيد على إستراتيجية الدولة، ويعرقل سرعة تنفيذ تلك المشاريع.

ويقول المهندس صالح حسين آل حيدر «تعود أهم أسباب تعثر المشاريع إلى التأخير في ترحيل العوائق التي تعترض المشاريع، فمثلًا عند تنفيذ طريق فإن هناك عددًا من العوائق كأعمدة الكهرباء وخطوط الاتصالات وخطوط المياه والصرف الصحي. وعند حصرها تبدأ معاملات الترحيل التي تمتد مدة طويلة ما بين اعتماد مواقع ومدة وتكلفة الترحيل، وبعدها الارتباط على تكاليف الترحيل، وتكليف مقاول بإنجاز عملية ترحيل العوائق. مما يؤدي إلى تأخير في مدة المشروع وزيادة المدة المعتمدة للتنفيذ وبذلك تتأخر المشاريع، ولا تتم الاستفادة منها حسب الخطط المرصودة من قبل الجهات المالكة. ويتأخر المقاول في تنفيذ المشروع ويتحمل تكاليف إضافية على المشروع كتمديد الضمانات البنكية ومصاريف إدارية وإيجارات للمدة الزائدة على مدة المشروع والتي بناء عليها قام بدراسة المشروع».

افتقار التكامل

من جهته، قال الدكتور مانع بن حنصل آل مشرف «علينا أن ندرك أن العمل الفردي بمعزل عن باقي الجهات الخدمية لا يحقق الهدف مهما كانت دقة تنفيذه، ما لم يكن ضمن منظومة متكاملة من الشراكة والتعاون، يعضد فيها كل طرف الآخر، وتشكل نتائجها منتجًا تنمويًا متكاملًا. أعتقد أن القطاعات والإدارات المعنية لا تزال تفتقر للتكامل فيما بينها، وقد يُعزى السبب في ذلك لغياب إدارة للمشاريع (Project Management) تضبط الإيقاع وتُناغم جهود القطاعات والإدارات المعنية بقضايا البنى التحتية، نعلم أن لكل جهة خططًا وأهدافًا تسعى لتنفيذها وإمكانات تساعدها على التنفيذ، ولكن هناك حاجة لتوحيد الجهود والتنسيق في التنفيذ للمشاريع الخدمية وفقط خطط ورؤى شاملة تستديم العمل وتحسن من جودة الحياة».

العلاقات الحكومية

أضاف آل مشرف «أتمنى لو يتم استحداث إدارة للعلاقات الحكومية تُمنح الصلاحية وتكون مرتبطة مباشرة بصاحب القرار تعمل على بناء أطر حوكمة (Governance Frameworks) توائم الخطط وتُنظم العلاقة بين الجهات ذات العلاقة بمشاريع البنى التحتية في المنطقة، ترصد التحديات والتقاطعات التي تعيق قضايا التكامل والعمل المشترك بين مقدمي خدمات البنى التحتية المختلفة من اتصالات، كهرباء، مياه، صرف صحي،... إلخ. مؤخرًا، انضمت نجران مثلا لنادي الكبار العالمي (اليونيسكو) من خلال بوابة موقع حمى الأثري بوصفه موقعًا ثقافيًا ذا قيمة عالمية استثنائية للتراث الإنساني، وتموضعنا على الخارطة العالمية يضاعف المسؤولية على عاتق الجهات المعنية ويحتم عليها العمل جنبًا إلى جنب للارتقاء بالعمل التنموي لكي تحافظ المنطقة على موقعها بين الكبار. من هذا المنطلق، يجب أن يكون لدينا في المنطقة نظرة بانورامية شاملة للتنمية أو ما يسمى بـ(Helicopter Vision)، بغرض تحقيق تنمية مستدامة تلبي التطلعات وتعزز من فرص واحتياجات الجيل الحالي في المنطقة دون إهدار حقوق الأجيال القادمة».

غياب التواصل

يرى المهندس عبدالله حسين قمزان أن وزارة الأشغال العامة والإسكان سابقا كانت تقوم بهذا الدور من تجهيز المخططات والتنسيق بين الجهات المعنية وتحديد دور كل جهة والأماكن المخصصة لها، وبعد إلغاء الوزارة أصبحت الإشكالية الكبيرة تكمن في غياب التواصل بين الوزارات.. فعندما يكون بين وزارتين عمل مشترك فإن ما يعطل ذلك العمل غالبًا هو ازدواجية العمل والتقصير فيه، وعدم وجود التواصل بين الوزارات وتكرار الأدوار والمهام التي أدت إلى التهرب من المسؤولية.

عدم الاحترافية

واصل آل قمزان «أدى غياب التواصل بين الجهات إلى عدم الاحترافية في أداء العمل، مما يسبب تعطيلًا بين أعمال الوزارات، في وقت نحتاج فيه إلى هذه الاحترافية، فلا بد أن تكون هناك دقة حتى في تحديد الخدمة المقدمة، وغياب التواصل الحقيقي بين الجهات أثر في غياب الثقة لدى المواطن، فحينما نسمع الوزارة تعلن أنها بعد شهر ستطلق مشروعًا ما، فإن المواطن يتوقع أن تبدأ بعد سنة، وهذه هي الثقافة السائدة عن الوزارات، ولسنا بحاجة إلى تغيير مسؤولين، ولكننا بحاجة إلى إيجاد ثقافة التزام وإعطاء الكلمة والوعد، فنحن نظام قائم على المؤسسات وليس على الأشخاص، فالمشروع بمواصفات تنفيذه هو الأهم، وتغيير الأشخاص لا يؤثر كثيرًا».