هل يعقل اختزال منصب رئيس جمهورية العراق بأحزاب كردية حصراً، ومعروف أنها قاتلت الدولة العراقية على مدى عقود من الزمن، بينما هكذا منصب يمثل واجهة العراق وتحت سقفه تمتحن هيبة الدولة وسيادتها، ولكن لو سلمنا جدلاً بمبدأ المحاصصة كأمر واقع، فهل يعقل عدم وجود شخص وطني شريف، يُؤْمِن بعراقيته ولم يلوث باستفتاء الانفصال، ولا تحوم حوله الشبهات من بين أبناء شعبنا الكردي الأصيل، الذي يعج بالمخلصين والشرفاء ممن هم خارج إطار الحزبين العميلين، ليكون بديلا عن هوشيار زيباري وبرهم صالح الرئيس الحالي الذي لعب على حبال التناقضات الإسرائيلية والإيرانية، ليقطف من كل بستان وردة لصالح المشروع الانفصالي، لهذا ليس بغريب أن يعلن الإطار التنسيقي تأييد ترشيحه لمنصب رئيس الجمهورية، نظراً لموالاته لإيران.

أما المرشح الآخر هوشيار زيباري الذي أقاله البرلمان وحجب الثقة عنه بتهم الفساد وإهدار المال العام، وأيضاً قيامه بتعزيز مكاتب الحزبين الكرديين الانفصاليين في أغلب الدول الأوروبية عندما كان وزيراً للخارجية، بالإضافة إلى تكريد مركز وزارة الخارجية والسفارات العراقية، ومشاركته في استفتاء انفصال كردستان، فضلاً عن تحويل المليارات من خزينة الدولة العراقية إلى حكومة كردستان دون مسوغ قانوني عندما كان وزيراً للمالية.

وفي خضم هذه الشبهات نجد إصرار مسعود برزاني على ترشيحه ليس فقط من أجل توسيع مساحة إقطاعيات عشيرته على حساب الدولة العراقية من خلال فرض خاله للجلوس على مقعد الرئاسة، وإنما رداً على إقالته بتهم مخلة بالشرف تحدياً للدولة وإهانة للمؤسسات الدستورية والبرلمان، لأن قرارات البرلمان نافذة المفعول، بغض النظر عن انتهاء الدورة البرلمانية، وبخلاف ذلك يعتبر تقويضا لاستقرار النظام القانوني للدولة. لذلك أعلنت المحكمة الاتحادية إيقاف إجراءات ترشيح زيباري لمنصب رئيس الجمهورية لحين البت في الدعاوى المقامة ضده.

ولكن ماذا سيكون موقف مسعود البرزاني الذي اعتاد على المساومة أو التهديد، يا ترى هل سيهدد بالانسحاب من التحالف الثلاثي للي ذراع المحكمة الاتحادية بإصدار قرار مسيس بتبرئة خاله، كما حصل في عام 2018 من فرض فؤاد حسين وزيراً للمالية ومن ثم وزيراً للخارجية، رغم كل المؤشرات التي ثبتت عليه، أم أن كل ما يحصل مسرحية للضحك على الشعب العراقي المغيب في إيجاد مخرج قانوني لتبييض وجه زيباري من أجل الكف عن اتهامه بالفساد، وإيقاف اللغط في هذا الشأن بعدما يتم انتخابه رئيسا للعراق؟.

نعم كل الاحتمالات واردة سواء قبول ترشيح زيباري أو رفض ترشيحه لفسح المجال أمام فوز برهم صالح المقرب من إيران، وزيارة قاآني لاربيل ربما لإقناع مسعود بذلك، في الوقت الذي لم يبد قادة الكتل السياسية في البرلمان أي موقف واضح من المرشحين، واعتبرت جلسة التصويب جلسة تشاورية لبحث مزيد من المساومات وفق أسلوب المحاصصة والتوافق وتبادل المنافع، بطريقة هذا لي وهذا لك، وصوت لي وأصوت لك، لأن جميعهم شهود زور، أخرسهم التكالب على المناصب بعدما أصبح همهم الأول سرقة المال العام، وإرضاء هذه الدولة أو تلك التي تعمل على تثبيت وجودهم في السلطة، مقابل ضمان مصالحها على حساب مصلحة الوطن ومقدرات الشعب العراقي المغيب، الذي لم يعد يحسب له حساب، والجميع يضحكون عليه بالشعارات الكاذبة التي تدّعي نبذ المحاصصة، وجميعهم منغمسون فيها، ويتصارعون داخل حلباتها من أجل جني ثمار منافعها.