ينتظر العالم بأكمله ما ستؤول إليه المباحثات الجارية في فيينا بكل تفرعاتها. وعلى الرغم من أن المباحثات ما زالت جارية، وتركز حول ملف إيران النووي بين طهران والعالم أجمع، فإن هناك بادرة يمكن أن تكون تلميحا لانفراج قادم للأزمة.

ومن خلال المعطيات على الأرض يمكننا أن نفهم أن اللاعب الدولي غيّر قواعد اللعبة تماما، وابتداها في الشرق الأوسط، فكانت البداية بالملف اللبناني، حيث عودة البنك الدولي لممارسة عمله في بيروت، وعودة نواب «حزب الله» اللبناني إلى ممارسة عملهم في مجلس النواب بحجة الموازنة السنية للبنان، مما يعطي رسالة أن الأوضاع في فيينا باتت تشرف على نهايتها.

الأمر المهم الآخر هو الملف الأوكراني الذي ألقى بظلاله على المشهد في العالم، وجعل أنظار البيت الأبيض تصوب نحو المواجهة المحتملة مع موسكو، مما يجعل واشنطن تسرّع من عملية التفاوض مع طهران، للتفرغ تماما لهذه المواجهة المحتملة.

كما أن العلاقات الخليجية مع طهران باتت يسودها جو من الدفء، خصوصا بعد زيارة الشيخ طحنون الأخيرة، وإجرائه جولة من المشاورات، لتقريب وجهات النظر.

كما أن رفع الضغط عن النظام السوري هو الآخر ألقى بظلاله على المشهد في المنطقة، مما يعني أن هناك صورة جديدة يراد له أن يكون فيها.

ولا ننسى أن الملف اليمني هو الآخر لم يغب عن فيينا،مما يجعل فيينا قبلة لأي تسويات قادمة وقريبة في الشرق الأوسط تحديدا، والعالم عموما.

عراقيا، طهران تمتلك مصالح، ولديها حلفاء هناك. لذلك، فإن أي تقدم سياسي في البلاد يعني أن هناك انفراجا في المشهد النووي الإيراني، مما سينعكس إيجابيا على الوضع السياسي الداخلي للبلاد. لذلك لم تتدخل طهران في ملف الانتخابات الأخيرة، وتركت الأمر للقوى السياسية العراقية، لحل مشاكلها بنفسها، بالإضافة إلى انشغالها بملفها المعقد مع واشنطن.

ولكن في الآونة الأخيرة، وما حصل من زيارة الجنرال إسماعيل قاني «النجف» الأشرف، ولقائه السيد مقتدى الصدر، لحلحة أزمة تشكيل الحكومة، وسط إصرار «الصدر» على إبعاد جزء من قوى الإطار التنسيقي على حساب أطراف أخرى، ورفض الأخير هذا المطلب، ووصول المباحثات بين الطرفين إلى طريق شبه مسدود، وعلى الرغم مما سبق، يبدو أن الوضع السياسي في البلاد بات يقترب من الانفراج، خصوصا مع وجود تقارب بين التيار الصدري والإطار، لكن ما زال يحتاج لإنضاج، وعبور المرحلة لتشكيل الكتلة الأكبر، الأمر الذي يجعل الوضع في البلاد مرتبطا تماما بما ستفرزه مباحثات فيينا، والذي بالتأكيد سينعكس بالإيجاب على الوضع عموما في المنطقة، أو العراق تحديدا، فأي تقدم في الملف النووي الإيراني سيلقي بظلاله على المشهد في المنطقة عموما، وسيدفع باتجاه السير نحو التهدئة فيها أو ربما رسم سيناريو جديد يحاك في الغرف المظلمة.