من أكثر القضايا التي أثرت بالقضية الفلسطينية وبالمشهد الفلسطيني ورسمت ملامحه، وكان لها الأثر الكبير على شعبنا الفلسطيني وعائلاتهم هي قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، فأسرانا البواسِل هم بصدق مشعل نور نستضيء به بالكفاح والتضحية، وأيقونة لروح الانتماء والوطنية، وقيمة مُثلى في التضامن والإيثار، وقدوة في العزيمة والإرادة، ونموذج يُحتذى به في الصبر والتفاؤل، وسفراء للمبادئ والمُثل العليا.. في كل زمان ومكان.

معاناة أسرانا البواسل في سجون الاحتلال هي وصمة عار على جبين الإنسانية، سواء على المستوى المعيشي أو الصحي أو حتى عمليات القمع التي يتعرضون لها من قبل قوات القمع الوحشية المخصصة للسجون وبالذات ضد أسرانا القابعين خلف القضبان والذين يواجهون كل ذلك بصدورهم العارية ومؤمنين كل الإيمان بقضية شعبنا الفلسطيني، وبأن التضحية بحريتهم من أجل فلسطين هي الطريق نحو دحر الاحتلال وإحقاق الحقوق الوطنية الثابتة لشعبنا الفلسطيني، وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وقد دفع أسرى الحرية جراء ذلك ثمنا غاليا، واستطاعوا من خلال نضالاتهم تحقيق الكثير من المكتسبات التي انتزعوها من الاحتلال انتزاعًا وليس طوعًا، غير أن الاحتلال يستغل أية أوضاع أو ظروف غير مواتية بالنسبة للوضع الفلسطيني الداخلي لتصعيد هجمته ضد الحركة الأسيرة في محاولة يائسة للنيل من مكتسباتهم التي حققوها بتضحيات جسام أدت إلى استشهاد عدد من أسرى الحرية إلى جانب إصابة العديد منهم بأمراض جراء الإضرابات التي خاضوها من أجل انتزاع هذه الحقوق، خاصة الإضراب عن الطعام والذي أمتد لعشرات الأيام.

وفي هذه الأيام صعدت إدارات السجون من هجمتها الشرسة على الأسرى وبتهديدهم بعمليات قمع واسعة من قبل قوات قمع السجون المسماة «النحشون» حيث تنتشر هذه القوات في السجون في محاولة لإرهاب الأسرى وكسر إرادتهم، وهذه القوات على أهبة الاستعداد للقيام بعمليات قمع واعتداءات على الأسرى في جميع سجون الاحتلال، الأمر الذي دعا أسرانا البواسل إلى القيام بإجراءات احتجاجية على إجراءات واستفزازات إدارات السجون والمتمثلة بتقليص ساعات النزهة (الفورة) إلى جانب إجراءات أخرى هدفها استفزاز الأسرى تمهيدًا لقمعهم ومحاولة جديدة للنيل من الإنجازات والمكتسبات التي حققوها عبر مراحل نضالهم والتي كسروا فيها جبروت الاحتلال.

وأخيرًا فإن أسرانا البواسل بأمس الحاجة في هذه الأيام لأوسع حملة تضامن مع قضيتهم وعدم تركهم وحدهم في مواجهة سجان لا يعرف الرحمة ومساندتهم في خطواتهم النضالية من أجل الحفاظ على مكتسباتهم ولمنع قوات الاحتلال من مواصلة عمليات التنكيل بهم مستغلين بذلك جائحة كورونا والحروب في المنطقة العربية بهدف غض الطرف عن ممارسات الاحتلال سواء على الأسرى، وعلى أرضنا ومقدساتنا وشعبنا.

ولذلك فإن أسرانا البواسل بحاجة لدعم لا متناهي والوقوف إلى جانبهم، فالقادم ضد الأسرى خطير وإذا لم يتم التحرك على المستويين العربي والدولي من خلال العمل الضاغط الميداني من أجل إطلاق سراحهم وتبيض السجون، فإن معاناتهم ستتفاقم أكثر فأكثر فالأسرى يستحقون الكثير منا، فهم طليعة متقدمة من شعبنا الذين أسهموا ويسهمون في النضال الوطني وفي بناء الوطن وتحرير فلسطين كل فلسطين.