زارني صديق وكأي محب لمسقط رأسه كنت أتعمد أن يرى جمال البرك وطبيعتها البكر.

واخترت أعلى موقع لأريه تلك اللوحة الجميلة العملاقة.. َوكلما اشتد إعجابه وزاد إطراؤه بما تحتويه زادت سعادتي.. ومازال صديقي يتأمل تلك اللوحة الفاتنة وأنا كخلفية صوتية أحاول أن أعزف بالقول ما يزيد من جمالها.

ثم التفت نحوي طالبا الاقتراب أكثر من تلك اللوحة.. والدخول في تفاصيلها.. لا أعلم لماذا تكدرت.

لكنني لم أمانع فلربما ليس لتكدري مبررK ودخلنا لتفاصيل تلك اللوحة.. وظهر على وجهه التأثر وأنا كذلك.. عندما رأى تلك الحواري والممرات القديمة المهملة.

ممرات ترابية ضيقة تفوح منها عراقة الماضي وقدم المكان وجمال سيرة الأجداد.

وكأن صدى أصواتهم ما زال يتردد في دهاليز تلك الممرات التاريخية الموغلة في القدم.. لكن يخدشه الإهمال ولو وجد الاهتمام لأصبح جميلاً.

وسألني.. ألم يأت لهذه الأحياء العتيقة كل هذه المدة رسام لهذه اللوحة ليعيد جمالها أو حتى ترميمها... ولذت بالصمت.

وأنا أرسل عيوني في كل زاوية من هذه الأحياء التاريخية القديمة، والتي ما زالت شوارعها الترابية لم تسفلت أو ترصف.

وتذكرت معاناة سكان هذه الأحياء عند هطول الأمطار. فتصبح طينية يستحيل السير فيها، والأخطر اختلاط مياه الأمطار بمياه الصرف الصحي، ويلهو الأطفال فلربما نقلت الأوبئة والأمراض الخطيرة.. زد على أنه تشوه بصري. ودعت صديقي.. لكنه، ترك لدي مطلبا ملحا وجيها،نريد رساما يرسم لوحة الإبداع.. ولن نجد أرقى وأجمل من ريشة الأمير المخلص وفريقه، لنرى رسم لوحة الإبداع، في ممرات وحواري البرك القديمة، لتكون شامة تزين خد فاتنة عروس ساحل عسير،فليس للجمال إلا صناع الجمال.