لا يخفى على الجميع مكانة الشريعة الإسلامية في المملكة، فهي المصدر الأول للتشريع وهي المرجع الأساسي للأنظمة والقوانين كافة، ثم يأتي بعد ذلك تخصص القانون الذي يستقي مصادره من الشريعة الإسلامية، فهما تخصصان مرتبطان بالتقنين والتنظيم، مع سيادة وعلو الشريعة الإسلامية على الأنظمة، ففضل الشريعة كفضل القمر على سائر النجوم.

ولقد انتبه المختصون والأكاديميون الشرعيون للحاجة إلى تأهيل الشرعيين قانونياً، بينما لم نجد هذا الحراك لدى القانونيين، فقد أعد المتخصصون عددا من البرامج القانونية المخصصة لخريجي الشريعة الإسلامية فقط، مثل برنامج الأنظمة في معهد الإدارة العامة وبرامج جمعية قضاء وبرامج المعهد العالي للقضاء.

سوف أتحدث هنا عن أهمية تأهيل القانونيين شرعياً من خلال عدد من المحاور وهي:

مجال سوق العمل

يتمتع تخصص الشريعة بكم هائل من الفرص الوظيفية بخلاف تخصص القانون، فهناك عدد من الوظائف لا تقبل إلا خريجي الشريعة فقط، مثل وظائف القضاء، ووظائف كتاب العدل، ومأذوني الأنكحة والتفتيش القضائي، والوظائف التعليمية والاستشارات الشرعية، ووظائف هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ووظائف كتاب الضبط، والوظائف الإدارية والقانونية المتنوعة، فالقاعدة -التي هي من أفكاري- كل وظيفة قانونية يؤهل لها كل شرعي، وليس كل وظيفة شريعة يؤهل لها قانوني.

المجال الأكاديمي

الملاحظ أن عدد الكليات الشريعة يفوق عدد كليات القانون والحقوق، فيندر أن تجد جامعة سعودية لا توجد فيها كلية للشريعة، وفي المقابل نجد أن تخصص القانون لا يوجد إلا في عدد من الجامعات، ومع اهتمام وزارة التعليم بالكليات الشرعية لم نجد أي برنامج يسهم في تأهيل القانونيين شرعياً سواء في برامج الدبلوم أو برامج الدراسات العليا.

مجال شمولية التخصص

تخصص الشريعة يحتوي على مسار للأنظمة ومسار للشريعة بخلاف تخصص القانون الذي تقتصر مساراته على تخصصات القانون العام والخاص، وقلة المواد الشرعية التي تدرس في تخصص القانون، فمن خلال دارستنا لتخصص الأنظمة في جامعة الملك سعود لم ندرس سوى مادتين شرعيتين، مادة فقه الأسرة، ومادة مصادر الفقه.

أتمنى أن يعي المتخصصون في مجال القانون والأكاديميين أهمية التأهيل الشرعي للقانونيين، خصوصاً في ظل المرحلة الحالية، وفي ظل رؤية سمو سيدي ولي العهد التي أولت الجانب القانوني أهمية عالية، من خلال مراجعة الأنظمة، وتوالي صدور القوانين المنظمة لجوانب الحياة كافة.