سيتزامن الفصل الدراسي الثالث والأخير لهذا العام، مع شهر رمضان المبارك، ثم عيد الفطر السعيد، وما بعده، مما جعل كثيرا من المدارس تبتهج بتخرج الدارسين فيها هذه الأيام، ومن ضمن ذلك مدرسة ابنتي، التي احتفت، قبل أيام، بتخرج طالباتها من المرحلة الثانوية، بمشاركة آبائهن وأمهاتهن، والأجداد والجدات، وكان من حظي الجميل، أن حضرت مع زوجتي حبيبتي حفل تخرج ابنتنا البتول، مع زميلاتها، من الصف الثالث الثانوي «الثاني عشر»، وانتقالهن المرتقب لحياة دراسية أخرى؛ ولقد تعودت في نهاية كل مرحلة تعليمية لأحد أبنائي وبناتي، أن أهديهم مقالا خاصا مفاجئا، ولا أجد غضاضة في بثه، كأب منتش بفلذة كبده، ويرغب في أن يفصح عن مشاعره لمن تهمه المناسبة، ويحب أن يشاركه غيره في فرحته، وأن يفرح الكل بغرسه، وكما يقولون: «كل فتاة بأبيها معجبة»، فلا مانع من قول: «كل أب بفتاته معجب».

غاليتي البتول، علمتني وهي حمل في بطن والدتها قيمة التوكل على الله تعالى، وحلاوة مناجاته آناء الليل وأطراف النهار، إذ أكدت الطبيبة المختصة، في الأسبوع 11 من الحمل، ومن خلال فحص الموجات فوق الصوتية للفقرات العنقية للجنين، بواسطة «سونار» الحمل العادي، رباعي الأبعاد، أن الضيف المرتقب مؤكد إصابته بمتلازمة داون، «منغولي»، وفتحت لنا خيارات الإبقاء على الجنين، أو غير ذلك، وعشنا بعدها 28 أسبوعا، من أجمل أوقات الاتصال بالخالق، سبحانه وتعالى، خصوصاً بعد الأسبوع 18، عندما أعلمتنا الطبيبة أن الجنين «بنت»، واثقين في الله أنها ستلد غير مصابة بما قالته الطبيبة، وإن كان الأمر غير ذلك، فستكون مولودتنا الطريق الأيسر للحصول على الأجر من عنده، جل جلاله، وبفضله سبحانه، ولدت غير مصابة بما قد قيل، وكانت وما زالت خير منبه لي ولوالدتها بفضل الله وكرمه.

حبيبيتي البتول، ترتيبها الوسطى بين أخواتها، إلا أن طباعها تتميز عن جميع أهل بيتها بجملة من الأمور، ومنها ما نغبطها عليه، ونتمنى أن نشابهها فيه، كالهدوء التام، والتؤدة الكاملة، وحب العيش في سلام ووئام، والتدقيق في كل صغيرة وكبيرة، والكبرياء على صغائر الأمور، والتعالي على سفاسفها، ولعل من أهم صفاتها الحسنة، ما ذكرنه معلماتها المصونات عنها أثناء تسلمها لشهادة التقدير في ليلة التخريج، عندما قالت عريفة الحفل: «البتول؛ تتميز بالوقار، والاتزان، وتتألق بفكرها، ومجهودها، لتصل إلى ما تطمح إليه».


أخيرا.. ابنتي البتول، ومع استحقاقك لكل الحب، تأكدي مع هذه الإفصاحات، أنك وأنت تستقبلين أيامك القادمة، لا هم لي ووالدتك وإخوانك وأخواتك، إلا استمرار فرش طريقك بالورود، وتعطير الأجواء حولك بأفضل الأطايب، وتقديم ما نستطيع أن نقدمه لك من مشورة ونصائح وخبرات، واثقين بأن هذا الجزء المهم المتعلق بالاختيار الدراسي المقبل، سيكون من أولويات مدرستك، لأنها الأقدر على تحديد ميولك، وعلى رسم خارطة طريقك العلمي. مختتما مقالي بأجمل التهاني لزميلاتك وآبائهن وأمهاتهن ومدرستك بمناسبة التخرج. كان حفلكن بهيجا، وكنتن متألقات جدا، خصوصاً وأنا أرى مع الحاضرين أعينكن الجميلة، وما حملته من آمال عريضة، وإصرارا جميلا، وطموحا كبيرا، ورغبات صادقة في التشرف بخدمة البلاد والعباد.