منذ فترة قريبة ليست بالبعيدة بدأت دول العالم في تقليل إجراءاتها الاحترازية، بعد عامين وأكثر على استنفار صحي كبير وعظيم منذ ظهور ذلك الفايروس في مدينة ووهان الصينية في الـ31 من شهر ديسمبر 2019.

مررنا جميعاً بتلك الهالة التي صاحبت انتشار هذا الفايروس المزعج القاتل، خلف خلالها أكثر من ستة ملايين وفاة حول العالم، بحسب النشرة التي تقدمها بيانات منظمة الصحة العالمية.

من جهتها تناقلت وكالات الأنباء العالمية والإذاعات والشاشات التلفزيونية حقيقة هذا الفايروس وخطورته، وتحليلات الأطباء المطمئنة في حين آخر.

و إثر ذلك وضعت المملكة كل إمكاناتها الصحية والمالية والأمنية في سبيل التصدي لتلك الجائحة التي تمر على كوكب الأرض، حيث أمرت القيادة الرشيدة بتشكيل لجنة وطنية من أعلى المستويات، ووضعت حساباً مالياً ضخماً تحت تصرف وزارة الصحة، وغيرها من الإجراءات والتجهيزات الكبيرة، ومنها العزل والإجلاء والإخلاء الطبي والاستضافات الفندقية، إلى توفير التطعيمات لكافة المواطنين والمقيمين على أرضها، وغيرها من الإجراءات السريعة في تداعيات تلك الأزمة العالمية، وكذلك دعم جاهزية القطاعات الأخرى لمواجهة هذا الداء الذي يتصف بسرعة انتشاره وانتقاله بين أفراد المجتمع، مستهدفاً جميع الفئات العمرية.

ومما يلفت الانتباه ويدعو للفخر هو القفزة الكبيرة في إنشاء التطبيقات الذكية والتعامل الرقمي الذي رافق وجود الاحترازات، ومن ضمنها العزل الصحي للمصابين بكوفيد 19، كذلك آلية العمل التي تقوم بها تلك التطبيقات كتطبيق توكلنا وتباعد وصحتي، وإنشاء نظام دراسي عبر منصة مدرستي، وعدد من المنظومات الرقمية التي قدمتها قطاعات حكومية وخاصة.

ففي المجال التعليمي كمثال ساهمت تلك التطبيقات الرقمية في إلحاق الأبناء بصفوف التعليم عبر الاتصال المرئي وانخراطهم وعدم توقف حياتهم التعليمية، حيث استطاعت المنصة التعليمية في الوصول لأكثر من 6 ملايين طالب، وأكثر من 500 ألف معلم، والاستفادة من 62 ألف مصدر تعليمي متنوع.

التحول الكبير في استخدام التقنية في المملكة أسهم في تعزيز الكفاءة الرقمية واعتمادنا الذاتي عند إنجاز تلك المشروعات الذكية، فأبناء هذا الوطن عملوا على إنجاز تلك البرامج، سواء على المستوى التقني أو الصحي والأمني.

الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» هي أحد المشاريع الوطنية والتقنية التي يقوم عليها وقدمها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- لدعم وتعزيز التكنولوجيا الرقمية بالمملكة ضمن رؤية 2030.

سدايا هو مشروع وطني عظيم قدم مبادرات ملهمة وطموحة، فالمشاهد يرى التقدم المتسارع والمتزايد في أنظمة البيانات الرقمية والمعلومات والتقنية الذكية، والسعي الكبير من قبل الحكومات والشركات العالمية في هذا المجال، وخصوصاً ما يتعلق بالأمن السيبراني والتطبيقات ذات العلم البياني السحابي والأنظمة الرقمية المتطورة الأخرى، التي تعزز من قدرات الوطن وتكون ضمن المشروعات الوطنية الهامة.

لا شك فيه أن المواقف العظيمة وأيام المحن والأزمات المختلفة تظهر فيها المشروعات الكبيرة التي قدمت إسهامات وطنية، كانت حاضرة بيننا لو نشاهدها ونعيشها أثناء الجائحة، ومنها تلك المبادرات الفعالة التي صنعتها سواعد أبناء هذا الوطن الغالي، وبرؤية سديدة نحو التوجه إلى التطوير التكنولوجي والتقني والصناعي.