صلة الأقارب والإحسان إلى الأقربين، سواءً كانت هذه القرابة بالنسب أو المُصاهرة، والعطف عليهم، وتفقُّد أحوالهم ضرورة، سواء قابلوا ذلك بالإحسان أو البعد والتجافي.

وصلة الرحم تُطلق على من تجمع بينهم القرابة، ويُحرَّم النكاح فيما بينهم. وتُعَدّ صلة الرحم من أفضل ما يتقرّب به العبد إلى الله عز وجل، وهي من الأمور الواجبة على كل مسلم. كما أنها حق له، وليست فضولا منه أو تدخلا في حياة الآخرين، بل هى واجب عليه.

صله الأرحام لأحق الناس وأولاهم بالإحسان والرعاية، مع الحرص على إخلاص النيّة لله سبحانه. واحذر أن يلعب بعقلك الشيطان، وتذهب لزيارة أهلك حتى يراك الناس، ويقولون عليك رجل بار بأهله، والله يعلم نيتك، فلا تأخذ ثوابا من الله نظير صلة أهلك.

قال رسول الله: «إِنَّ اللَّه تَعَالى خَلَقَ الخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتِ الرَّحِمُ، فَقَالَتْ: هَذَا مقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى، قال: فذَلِكَ لَكِ».

لذلك يجب على المسلم زيارة أهله، والجلوس معها والاستماع لهم. ويجلس المسلم مع أقاربه، للسمر والتحدث فيما يشغل بالهم من هموم، ومحاولة إيجاد حل لها بصدر رحب، فممكن أن يكون الحل على يديه، فينال الثواب مضاعفا من الله، لأنهم أهله، وأيضا ثواب أنه سعى في الخير.

وكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يُوصي بعضهم ببعضٍ، ويمدح أرحامه، ويقدّم لهم المساعدة المادّية والمعنويّة، ويفخر بهم، ويدعو لهم، وممّا كان أنّه دعا لعبدالله بن عباس بأن يُفقِّهه الله في الدين، ويُعلّمه التأويل.

وقد ربط الله -تعالى- بين صلة الرحم والبركة في العمر والرزق، وجعلها سببا لهما، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من أحبّ أن يُبْسَطَ عليه في رزقه، وأن يُنْسَأَ له في أَثَرِهِ؛ فَلْيَصِلْ رحمه». وصلة الرحم من الأخلاق المعروفة للنبي -صلّى الله عليه وسلّم- قبل بعثته، كما يتّضح من قول أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- له حين نزل عليه الوحي أوّل مرّةٍ: «كَلَّا، أبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا؛ إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ».

فعليك بصلة الرحم.. لا تقول: أهلي يسببون ليّ المشاكل وينكرون مودتي لهم، إذ قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم: «ليس الواصل بالمُكَافِئِ، ولكنَّ الواصل الذي إذا قَطعت رحِمه وصَلَها».

وأيضا قال الرسول - صلّى الله عليه وسلّم: «..ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ». تختلف الطرق التي تحقّق صلة الرحم، فعيادة المريض من صلة الرحم، وتكون بالإرشاد والتوجيه وتقديم النصح والمساعدة للأهل، بالإضافة إلى الوقوف بجانبهم في شدتهم ومشاكلهم، ومحاولة إيجاد حل لها، والإصلاح بين الأرحام في حال وقوع نزاع، حتى يشعر كل منهم بالأمان، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والدعاء لهم بالهداية، وحَثّ الأرحام على طاعة الله وعبادته بالحكمة والموعظة الحَسَنة لا بالقسوة والعصبية.

ولو معك مال، فأهلك أولي الناس بالصدقة والإحسان، ولا بد من السريّة في أداء الصدقة، ولا تنسى حقهم في الزكاة، إذ قال تعالى: {لَّا خَيْرَ فِى كَثِيرٍۢ مِّن نَّجْوَىٰهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَٰحٍ بَيْنَ ٱلنَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}.