بعد سبع سنوات من الحرب التي فرضتها جماعة الحوثي الذراع الإيراني في اليمن وتسببت بكثير من المعاناة وأوصلت الشعب اليمني إلى حافة المجاعة وإحالته إلى شعب يبحث عن المساعدات وعن لقمة العيش البسيطة بعد أن كان عزيزًا كريمًا، وظل اليمنيون ينتظرون ظهور قشة ليتمسكوا بها لعلهم يصلون إلى بر الأمان لدرجة وصل بهم الحال إلى حالة من اليأس، بالتزامن مع استمرار قذائف قوى الانقلاب التي تتساقط على بيوت ورؤوس الأبرياء في عدد من المحافظات وتحصد الأرواح بشكل شبه يومي دون رادع يقطع دابرهم أو يحسم الحرب، ويخلص البلاد من سطوة وجبروت تلك الجماعة الإرهابية التي في الأساس لا تملك قوة حقيقية على الأرض كما يروج لها تمكنها من إطالة أمد الحرب والبقاء طول السنوات الماضية، بقدر ما كانت (بيت العنكبوت) تستمد ذلك من تمزق وشتات القوات المختلفة التي تواجههم وتقاتلهم في عدة جبهات وتحت قيادات مختلفة وغياب توحيد الصف والعمل تحت قيادة وطنية موحدة توظف كل طاقتها نحو عدو الجميع.

لكننا اليوم أمام منعطف تاريخي وقد لمح اليمنيون بصيص أمل في الأفق واستبشروا خيرًا بقدوم مرحلة استثنائية وحاسمة، بعد نتائج مشاورات الرياض التي باركها العالم وأسفرت عن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي بقيادة الرئيس الدكتور رشاد العليمي وعضوية عدد من القيادات التي معظمها مشهود لها بالنضال والوطنية وتركت بصمات سطرها التاريخ بماء من ذهب، ذلك الخبر الذي تسبب بحالة من الهستيرية لدى السلطة المارقة في صنعاء وأربك تفكيرها وخلط أوراقها وجعلها أمام عمل عسكري يعلمون جيدًا نتائجه الوخيمة عليهم.

ما قبل المشاورات ليس كما بعدها، بالمقابل فقد استقبل اليمنيون ذلك النبأ بسعادة بالغة وتفاؤل كبير وإيمان مطلق بقرب انفراج الأزمة وإنهاء الحرب لصالح الشعب اليمني المنهك، ومرد ذلك في الحقيقة والفضل يعود إلى إقدام الرئيس عبدربه منصور هادي على خطوة وطنية تستحق كل التقدير والإجلال، والتي هدفت إلى لملمة الفرقة ورص الصفوف في المقام الأول وتوحيد الكلمة والقرار، وذلك الإجراء الذي قلما يُقْدم عليه قائد أو رئيس في نفس موقع هادي حين تنازل بصلاحيته الكاملة للمجلس وتنحى عن كرسي الرئاسة، ووضع مصلحة الوطن فوق كل المناصب والمراتب.

لقد عبر الشعب اليمني بمختلف توجهاته السياسية وأفكاره المختلفة ومناطقه ومدنه المترامية عن فرحته كل بطريقتهم الخاصة، وقد كشفت وسائل التواصل الاجتماعي عن حجم الرضى لذلك التحول السياسي لما حمله المجلس من تمثيل لكل القوى التي كانت تعمل على أرض الواقع بشكل انفرادي، ولا ينبغي أن ننسى الدور الإيجابي الكبير الذي لعبه مجلس التعاون الخليجي ودول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية بعد وصولهم إلى قناعة تامة أن مواجهة التمدد الفارسي يبدأ من نقطة جمع شمل اليمنيين تحت مظلة وقيادة مقبولة وشخصيات تحظى بقناعة كل الأطراف، وإدراكهم لاحقًا أن ذلك سيختصر الطريق والمسافة والزمن لاستعادة الوطن من قبضة أيادي طهران وعملائها الحوثيين الذين لم يبق أمامهم غير خيار واحد وهو ترك السلاح والخضوع للسلم والتخلي عن إملاءات النظام الإيراني والقبول بقرارات مجلس الأمن والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، فإنهم سيحصرون في زاوية ضيقة لن يستطيعوا التنفس وسيكونون أمام جيش وطني قوي وحد جهوده وتجاوز كل الخلافات البينية التي لم يكن لها داعي ولن يستطيعوا منازلته.