ذهب صاحبنا لـ «استراحة» أصدقائه، وأمضى هناك ساعات عبر فيها عن مشاعره لمعجبيه عبر السناب شات، فهو شاعر جهبذ، ومتحدث «متفزلك»، وشخصية ملهمة لتطوير الذات، وبعد أن أدرك الوقت وجد أن مغسلة الملابس قد أغلقت أبوابها، ولديه عمل قبل أن تفتح مجددا، وبعد أن ندب حظه العاثر ومسلسل حياته من حوله الذي لا يقدر أنه «داهية» وإلا فكيف ينام عامل المغسلة ذلك وصاحبنا لم يأخذ ملابسه بعد.

وبعودته لمنزل أسرته وجد أن أخته قد غسلت ملابسه وكوتها وعلقتها على باب غرفته فقط لأنها تشعر به ولم تكن ملزمة له بذلك، فأخذ الملابس وذهب للنوم، وفي المنام حلم أنه أرسل وردة إلكترونية لأخته ليشكرها على ما قامت به، وفزع من ذلك الكابوس المرعب ليبدأ بإرسال عشرات الورد لمتابعيه أثناء يقظته.

السؤال هنا لو أنه يبادل أخته الفعل نفسه بأن يفكر فيما تحتاج ويجهزه لها قبل أن تطلبه، ويقبل قدم أمه كل صباح كما كانت تقبل قدمه أثناء ما كان في «المهد صبيا»، ولماذا قد «يتعفرت» في البيت لأنه افتقد مشاعر جمهوره ولم يفتقد حنان أخيه الأكبر حينما كان يتابعه ليحميه من طيش نفسه، هل ما زال يسأل عن أخيه بنفس الحنان بعدما استقل أخوه بحياته وكبر سنا، أو حتى هل حنّ يوما على ابن أخيه ذلك كما كان يحن أخيه عليه.

وفي المقابل هل ابتعد عن صديقه أو زميله في العمل أو حتى زوجته ولو كانت «أما لعياله» حينما شعر بأن أيا منهم قد عمد على أذيته في نفسه التي خلق بها، كما ابتعد عن أبيه حينما اعتقد أنه عمد على أذيته، وهل والده فعليا قد عمد على أذيته أم أنه عمد على أذية ما أضافه لنفسه.

ما أريد قوله بوضوح إننا قد لا نفرق بين «الفطري» و«الإضافي»، فأنا لم تلدني أمي وأنا أحمل بيرق الشعر، أو قلم الكاتب أو حتى شهادة الهندسة، فكل ذلك أتى لاحقا، بينما الفطري هو أنني أغمض عيني عن التراب وقت العاصفة حتى وأنا مولود لأنها من نفسي التي ولدت بها وليست إضافة، وفطري أيضا أن أغادر أية علاقة أضرت بصحتي، لأنني ولدت بتلك الصحة أيضا، وهذا يعني أنني أحب نفسي الأصلية وليس ما أضيف لها، ولكن هل مغادرتي مثلا لعلاقتي الزوجية بطلاقي لزوجتي لأنها لم تعبر عن إعجابها بقصائدي كما تبدي فتيات السناب إعجابهن بها، هل هي مغادرة لأنني أحب نفسي الأصلية التي ولدت بها أم لأنني أحب ما أضفته لنفسي.

كي تتضح الصورة أكثر هل أنني حينما لم أبادل أختي وأمي وأخي وأبي بالفطرة نفس المشاعر، هل سألت نفسي يوما قبل أن أبادل أحدا ما مشاعر، هل هذا التعبير هو حب لنفسي التي ولدت بها أم هو حب للإضافات التي اكتسبتها لاحقا ولم أولد بها مثل حبي لوظيفتي أو شهرتي أو أناقتي أو حتى أنفتي التي كانت سببا لانفصالي عن زوجي أو زوجتي أو أسرتي، والآن دورك أن تتساءل أيضا (هل تحب نفسك أم تحب إضافاتك؟).