تبقى ظاهرة الارتفاع «الصامت» لأسعار السلع من منغصات الحياة التي تؤرق الناس في أصقاع الأرض، فهي تأتي دون إشعار المستهلكين.

والصمت يعني السكوت والحكمة تقول السكوت في الحياة من (ذهب)، لكنه في الغلاء يتحول إلى معاناة وتعب وتوتر نفسي، وخصام مع البائعين من خلال أسئلة تلفها النبرة الحادة لماذا الزيادة المتكررة في السعر؟ وكيف ومتى؟ أين موافقة الجهة المختصة؟

وقد يحدث ما لا تُحمد عقباه في تلك الأجواء المتشنجة والإجابات غير المقنعة ليدوخ المستهلك السبع دوخات، إما يرضخ للسعر الجديد، وإما يحرم نفسه وأسرته من شراء قوت يومه مع عدم طرح الأسئلة كما قال شاعر أندلسي:

«ودع السؤال بكم وكيف فإنه... باب يجر ذوي البصيرة للعمى»

والغلاء في أبسط تعريفاته يعني رفع أسعار السلع والمواد نعوذ بالله من الغلاء وموجاته، وزيادة الأسعار إذا جاءت من خلال بيان رسمي من الجهات المسؤلة يقبلها الناس ليعيدوا جدولة ميزانية مصروفات بيوتهم وأسرهم وضبط الاستهلاك.

وأرى أن الارتفاع الصامت للأسعار يشابه ضغط الإنسان المرتفع الذي يُطلق عليه الأطباء «القاتل الصامت»، ونحمد الله كثيرًا على نعمه التي أنعم بها على بلادنا الحبيبة وأولها وأهمها نعمة الأمن والأمان، وتوفر المواد الغذائية التي تصلنا، إضافة إلى منتجات زراعية داخلية متنوعة واعدة، تضاهي أفضل منتجات العالم من مزارعنا في جميع مناطق المملكة، وهي متوفرة طوال أيام العام.

ورغم الجهود الكبيرة والمشكورة من الجهة المسؤلة في المتابعة وتطبيق النظام على المتلاعبين بالأسعار أُقترح ما يلي:

أولا: إلزام محلات التجزئة والجملة والأسواق والمطاعم.. والصيدليات عرض الأسعار في لوحات إلكترونية كبيرة على الواجهات والمداخل وعند المحاسبين، لا يتحكم فيها إلا الجهة الحكومية المعنية من خلال غرفة عمليات تعمل على مدار الساعة، إسوة بلوحات البنوك الإلكترونية الخاصة بأسعار صرف العملات والأسهم والوقود والمياه والرحلات الجوية في المطارات وغيرها.

ثانيا: التنسيق مع التليفزيون والإذاعة ومواقع التواصل والصحف ببث نشرة يومية في الصباح والمساء تتضمن الأسعار الرسمية للسلع الرئيسية لمعيشة المواطن التي تنتجها بلادنا كالحبوب والفواكه والخضراوات، واللحوم بأنواعها والأغنام والألبان والبيض ووجبات المطاعم والمخابز، وتشمل التسعيرة أيضًا الأدوية والفحوصات الطبية في المستشفيات والمستوصفات الخاصة والتحاليل والأشعة وعمليات اليوم الواحد، وتتجدد المعلومات كلما اقتضت الحاحة صعودًا أو هبوطًا.

ثالثا: التوسع في لجان مراقبة الأسعار من خلال دوريات تعمل على مدار الساعة مزودة بأجهزة اتصال حديثة ليتمكن المواطن من موقعه التواصل معهم وإبلاغهم بجميع الملاحظات والتجاوزات.

رابعا: وهي دعوة للجميع إلى الترشيد وعدم الإسراف، وربط الأحزمة وتفعيل الادخار الذي لا يعني البخل، وكنز المال ولكن الإنفاق بحكمة.

وقد يكون المحرك الرئيس في موجة قوية قادمة لارتفاع أسعار المواد المستوردة رفع الفائدة على الدولار، وهو الخبر الذي تتداوله وسائل الإعلام منذ أسابيع.