ما بين العرضة السعودية، وبن جازان، والسدو، والبشت، والكليجا، وغير ذلك الكثير، من الموروث الثقافي بمختلف مجالاته، يمكن الوثوق بأنَّ بلادنا بحضارتها المتنوعة، لها ما لغيرها من تنوع ثقافي مملوء بزخم الأزمان المتلاحقة، والأجيال التي تحافظ على عاداتها الموروثة المستمدة من قيم الشريعة الإسلامية، وتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، في نسيج عضوي واحد>

كل ذلك يشهد على أنَّ السعودية أصل التنوع الثقافي المعزز للحوار في مختلف مناحيه، الداعم لقوتها الناعمة، لتعزيز حقوق الإنسان، ومفهوم تلاقي الحضارات، تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين (حفظهما الله).

وإذا كانت الأمم المتحدة حددت يوم 21 مايو من كلِّ عام يومًا عالميًا للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية، فإنَّ المملكة العربية السعودية، يكون لها الريادة والسبق في هذا الحضور الإنساني، بما لديها من دلائل تشير إلى حمايتها وصونها تراثها المادي واللامادي على أراضيها المترامية إلى 13 منطقة إدارية توحدها اللغة العربية، وتتميز كل منطقة بلهجتها الخاصة، وعاداتها وتقاليدها وتراثها، ومأكولاتها المستوحاة من البيئة والطبيعة، وصناعاتها التراثية، والعادات الاجتماعية الموروثة، مثل الكرم والمروءة والشجاعة والحفاظ على العلاقات الأسرية، وحمايتها.

هذا التنوع الثقافي شكَّل هوية شديدة الثراء لسكان المملكة البالغ عددهم 34 مليون نسمة، ما بين مواطنين ومقيمين تحتويهم مملكة الإنسانية على أراضيها، والكل يعمل كفريق واحد متآلف، مستثمرين هذا التنوع الثقافي بينهم، لتصدير قوة المملكة الناعمة للعالم، خصوصًا في يوم الاحتفال بالتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية، لأنَّ هذا التنوع الإنساني من شأنه خلق مجال حر لتنمية الإنسان وبيئته التي يعيش فيها، لتكون المملكة قبلة أصحاب التجارب الناجحة، لمواصلة جهودها الدؤوبة على أراضيها.

وترتكز توجهات الثقافة في المملكة على أربعة مبادئ هي القيادة، والدعم، والرعاية، والتطوير، وذلك من خلال إطلاق المبادرات الداعمة للحوار بين الثقافات والحضارات، باعتباره قوة محركة للتنمية، ووسيلة تعايش إنساني.

لذا، يحق لنا أن نفخر بوطننا الحاضن لمختلف الثقافات، العامل على صون التراث، وليس أدل على ذلك من مهرجان الجنادرية الذي يقام سنويًا، في الرياض، ليكون مجمعًا ثقافيًا كبيرًا يحتضن جميع ثقافات مناطق المملكة في أجنحته المتنوعة، ليطلع الزائر على مختلف ثقافات الوطن الواحد خلال أيام المهرجان، وينقل الضيوف هذا المشهد إلى الخارج، ما يحقق استثمارنا لقوتنا الناعمة، وتقدمنا واحترامنا لتاريخنا وثقافتنا المتنوعة التي تتآلف فيما بينها، لإقامة حوار إنساني بناء، يسهم في تقدم مملكتنا حضاريًا.

وينبغي على كلِّ المهتمين بالتراث، وتأصيله في بلادنا، أن يسجل كلَّ ما يعرفه عن التنوع الثقافي الذي تحفل به السعودية، بكلِّ ما يملكه من أدلة، ليطلع (الآخر) في مختلف بلدان الأرض على الثراء الثقافي المتنوع داخل المملكة، وذلك من خلال وسم (هاشتاق)، أطلقته هيئة الأمم المتحدة على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك ضمن جهودها الاحتفالية بيوم التنوع الثقافي من أجل الحوار #shareourheritage، بالإضافة إلى الاطلاع على معرض تفاعلي موجود على منظمة اليونيسكو التابعة لهيئة الأمم المتحدة، حيث تشارك السعودية بـ1.174 عنصرًا مصورًا، منها صور للحرمين الشريفين، وصور لملوك المملكة المتعاقبين، إذ احتفل غلاف مجلة life بصورة الملك عبدالعزيز رحمه الله، وغلاف مجلة الـTIME بصورة الملك فيصل رحمه الله، باعتباره رجل العام في تاريخ إصدار العدد. وجاءت أغلب العناصر السعودية الموجودة في المعرض التفاعلي عن مكة المكرمة والكعبة المشرفة، وصورة أحد الخطاطين المشاركين بالكتابة على كسوة الكعبة.

وغير ذلك الكثير مما يحفل به، مثل صور لمدائن صالح، وغيرها من مناطق المملكة، إذ يعتبر موسم الحج خصوصًا أكبر تظاهرة ثقافية متنوعة في العالم، تجتمع على أرض المملكة العربية السعودية، تحت راية الإسلام والتوحيد.

التعدد والتنوع الثقافي والتعايش الحضاري، هي اللغة التي لا بد أن تسودا المجتمعات، بكل توجهاتها واختلافاتها، ومهما كانت الصراعات والنزاعات يأتي الإيمان بالتنوع كصمام أمان لكل التفاعلات والتداعيات الأيدلوجية والعرقية التي تعم العالم كله.