في سلسلة تغريدات عبر أحد الحسابات المتخصصة بالثقافة الصحية يقول طبيب: لو أُنشئ مضمار للمشي حول كل مستشفى، ومشى الناس حوله، لما دخل المستشفى نصف مَن هم فيه الآن، ولخرج من المستشفى نصف من فيه، ويقول آخر: ليس هناك مرض عضوي أو نفسي إلا وللمشي دور في علاجه، ولو أن دواءً خرج إلى السوق له فوائد تماثل فوائد المشي لصرفه الأطباء في كل وصفة طبية ولاشتراه المرضى بأغلى الأثمان، لكن المفارقة أن المشي دواء فعّال ومجاني، والمرضى يترددون في تناوله، وانتهت التغريدات.

فإن كان السبب وراء إهمال الموظف لوظيفته، ورب الأسرة لأسرته، والمبتكر والمبدع قد يتوقفون عن ابتكاراتهم وإبداعاتهم، بسبب فقدانهم للسعادة ودخولهم للمراحل الأولى من الاكتئاب وسوداويته بسبب نقص هرمون «الأندروفين» مثلًا، وهو الهرمون الذي يفرز بممارسة الرياضة، وبالأخص المشي كونه رياضة قريبة من الجميع كبارًا وصغارًا، ويمكن ممارسته في أوسع نطاق، فلماذا لم تتخذ وزارة الصحة خطوات جادة نحو تحقيق ذلك.

حتى إن كانت وزارة الصحة ممثلة في بعض منشآتها تنظم يومًا للمشي كفعالية ترفيهية في العام مرة أو مرتين، فهذا بحد ذاته توعية سلبية، فإن كان الكاتب بـ»الوطن» سابقًا جعفر عباس قد قارن بين أسلوب حياته في أوروبا وحتى في السودان، مع أسلوب حياته في إحدى دول الخليج بطريقة ساخرة أظهرت أنه طوال 10 أعوام لم يقطع مسافة بالمشي تعادل ما يقطعه في أوروبا والسودان في شهر واحد مثلًا، وأرجع ذلك لحرارة الجو وقلة الأماكن المهيأة للمشي.

فهذا فعليًا ما أقترحه على وزارة الصحة، فمثلًا لو أنها وفرت قيمة إنشاء مستشفى عام في إحدى المحافظات، وهذا يعني توفير تكلفة رواتب موظفيه وأجهزته الطبية، وقيمة عقود شركات التغذية والصيانة والنظافة له، فسيكون المبلغ مقاربًا لـ 100 مليون ريال «بالراحة»، وفي النهاية فعدد مراجعيه المستفيدين منه بشكل نهائي دون إحالتهم لمستشفيات أخرى لا يتجاوزون %10 فقط، أي أن %90 من الكفاءة التشغيلية له، ذهبت لمستشفيات مرجعية أخرى، ناهيك عن توفير قيمة الأدوية في ذلك المستشفى وتحويل نسبة كبيرة من المرضى إلى مرضى متعددي الأمراض نتيجة الأعراض الجانبية لتلك الأدوية.

فإن وفرت تلك القيمة وأنشأت ممشى مبرد صيفًا برذاذ الماء البارد، ومدفأ شتويًا بدفايات على جوانبه مثلًا، ويكون مشجرًا وتنتشر الورود على جنباته، ويمكن مثلًا لمن يمشي فيه أن يحمل تطبيقًا حتى إن كان على ساعة ذكية، وعلى نسبة صعود إحراقه للدهون وقطعه لمسافات أكبر بوقت أقل، يمكن أن يرشحه للحصول على نقاط مثلًا يستفيد منها مع أي شريك مجتمعي، كحصوله على أكل عضوي أو صحي مجانًا، ناهيك عن تخصيص مبالغ نقدية وتحفيزية، تجعل الجميع مستعدًا للتفاعل، وما كان يدفع له في السابق لينتشر في أوروبا مثلًا، أصبح هذا اليوم «ستايل» حياة يومي لا يمكن التوقف عنه، فهل خطر ببال وزارة الصحة أو هيئة الصحة العامة يومًا أنها بهذه الأفكار البسيطة قد بدأت أولى الخطوات (لخفض نصف المرضى).