استهدف ملتقى القيم المشتركة بين أتباع الأديان المنعقد بالرياض في العاشر من شوال 1443؛ بلورة رؤية حضارية من شأنها ترسيخ قيم الوسطية في المجتمعات البشرية وتعزيز الصداقة والتعاون بين الأمم والشعوب، والعمل على نشر الوعي بمفاهيم السلام والوئام بين القادة الدينيين والفعاليات الفكرية المؤثرة في المجتمعات البشرية بشكل عام وفي الشباب بشكل خاص، وقد شارك في الملتقى قادة الأديان من حول العالم، وكان المسلمون الأكثر حضوراً سواء من كبار العلماء أو من عموم العالم الإسلامي ودول الأقليات، إضافة إلى المسيحيين واليهود والهندوس والبوذيين وغيرهم من أتباع الأديان المستقلين الذين يمثلون الأديان كديانة وليست كدول، علاوة على مشاركة نُخبة من القيادات الدينية والفكرية المؤثرة، والمعروفين بوسطيتهم واعتدالهم في مواقفهم العادلة مع قضايا المسلمين.

ولعل من أهم المستهدفات التي سعى الملتقى إلى تحقيقها:

-1 صياغة رؤية حضارية مشتركة لترسيخ قيم الوسطية في المجتمعات الإنسانية.

-2 تحويل الصدامات المفتعلة بين أتباع الأديان والحضارات إلى تفاهم وتعاون وتضامن.

-3 مواجهة تهديد أي فكر متطرف تجاه الآخر.

-4 ابتكار برامج عملية ومبادرات وتوصيات فعالة لضمان استدامة المهمة الأخلاقية المشتركة للملتقى.

اهتمت رابطة العالم الإسلامي بأن يكون الملتقى، منتدى اجتماعيا إنسانيا بين أتباع الأديان المختلفة والمذاهب، يترجم الرسالة الإنسانية التي تقودها رابطة العالم الإسلامي كممثلة للدول الإسلامية وشعوبها في سعيها نحو تقارب الأديان وتآخيها والدعوة إلى التعاضد والتآزر من أجل مصلحة البشرية بمختلف انتماءاتها ومرجعياتها الدينية، وقد أوجزت رابطة العالم الإسلامي رسالتها المستهدفة من الملتقى في:

- إن أتباع الأديان يمكن لهم صناعة الفرق لصالح البشرية، إذا تخلصوا من تأثيرات دخيلة، وتلك مهمة يتحمل مسؤوليتها القيادات الدينية وخصوصا الإسلامية بحكم قوة تأثيرها في حياة الناس.

- الإيمان بعالمية رسالة الإسلام، وأنه يجب ألا يكون بمنأى عن العالم، وذلك واجب إسلامي يتطلب، التفاعل والتأثير الإيجابي في القضايا العالمية، وتُعد رابطة العالم الإسلامي الرائدة في تمثيل هذه الرسالة الحضارية الإسلامية، وهي من يتحمل مسؤوليتها، باعتبارها مظلة الشعوب الإسلامية والمنظمة الإسلامية الوحيدة التي تضم ممثلين لكل المذاهب والطوائف الإسلامية المعاصرة.

- تعتبر المملكة العربية السعودية مركز الريادة والمرجعية الروحية والعلمية الإسلامية، لما لها من مكانة إسلامية وعالمية، وليس هناك بديل لقوة تأثيرها الإيجابي، ولها دورها الريادي في الحوار بين أتباع الأديان.

- يعطي الملتقى فرصة ذهبية لإبراز صورة الإسلام الحقيقية بسماحته ورحمته، عبر ذلك اللقاء الذي يجمع بين العلماء المسلمين والقيادات الدينية المختلفة، وتلك وسيلة للقضاء على كل ما يتم وصمه به وخصوصاً «كراهية الإسلام»

«الإسلاموفوبيا» المتنامية في الوقت الحاضر.

- ينطلق الملتقى من وحي المعاني والدلالات العظيمة «لوثيقة المدينة المنورة» التي أمضاها نبينا الكريم، عليه أفضل الصلاة والتسليم، مع كافة فرق التنوع الديني من دون استثناء، بل وإن «وثيقة المدينة المنورة» تُعد الأصل الذي بُني عليه ذلك الملتقى.

يُعد ملتقى القيم المشتركة لأتباع الأديان، امتداداً لجهود رابطة العالم الإسلامي نحو بناء جسور الثقة المتبادلة ونشر التسامح والتآخي بين شعوب العالم بمختلف طوائفها ودياناتها، ولسعيها نحو نبذ العنف والتطرف الذي أصبح يهدد الوجود الإنساني، والعمل معاً لتحقيق أهداف مشتركة لصناعة سلام عالمي وتصالح ووئام يسود البشرية جميعها.

كانت «وثيقة مكة المكرمة» نقطة التحول الأساس في الفكر الإسلامي المعاصر، والقاعدة المتينة والميثاق الذي انطلقت منها تلك الجهود المتتابعة لرابطة العالم الاسلامي، وذلك بعد أن أمضاها 1200 مفتٍ وعالم يمثلون 27 مذهباً وطائفة، وأكثر من 4500 مفكر إسلامي يمثلون ذلك التنوع لعلماء الشريعة الإسلامية من دون استثناء، وقد تضمنت الوثيقة تنفيذ أربعة برامج عالمية؛ تشمل الدبلوماسية الدينية بقيمها المشتركة مع مختلف اتباع الأدبان، وإشراك الشباب، والتمكين المشروع للمرأة، وبناء القدرات التي تستمد أنشطتها من مجالات الاهتمام الإنساني والاجتماعي والاقتصادي على المستوى الدولي.

تؤكد جهود رابطة العالم الإسلامي المتنوعة والجريئة، أن القوة الصلبة مهما حققت من مكاسب فهي مؤقتة وعابرة، وأن القوة الناعمة منهج ديني ومنطقي له مكاسبه الإنسانية المستدامة في المجتمعات، وقد أكدت «وثيقة مكة المكرمة» أهمية تعزيز دور القوة الناعمة وترسيخها كمنهج حياة وكأسلوب حوار بين الشعوب خصوصاً بين الشباب الإسلامي، وحذرت من صدام وصراع الحضارات بين الأمم، ومن انتهاج خطاب الكراهية والعنصرية المغرضة لبث الفرقة والتناحر بين المجتمعات، ودعت إلى المواطنة الشاملة وتبني العمل الجاد لصالح الإنسانية.