عكست السعودية نمط التضخم الذي ساد في معظم دول العالم بادئا بمستويات منخفضة نسبيا قبل انتشار وباء COVID-19 في الربع الأول من 2020، ثم متحولا إلى معدلات ثابتة أو هابطة لبقية ذلك العام وحتى عام 2021، ثم تحول لاحقا إلى معدلات متزايدة بدءا من منتصف إلى أواخر عام 2021، قبل أن يرتفع بشكل حاد في 2022، حيث انعكس هذا النمط في السعودية، فارتفع معدل التضخم أثناء الوباء لكنه انخفض بعد ذلك بحدة في أواخر عام 2021، ثم ارتفع قليلاً منذ ذلك الحين، لكنه لا يزال 1.6 % فقط.

في المقابل، ومع وجود ملايين الأشخاص العاطلين عن العمل قبل عامين كافح محافظو البنوك المركزية والسياسيون لإخراج الاقتصاد الأمريكي من الركود الناجم عن الوباء، حيث بدا التضخم وكأنه فكرة متأخرة، لكن بعد مرور عام، ومع انخفاض معدل البطالة وارتفاع معدل التضخم، أصر عدد من صانعي السياسة هؤلاء على أن ارتفاع الأسعار كان «مؤقتًا» نتيجة سلاسل التوريد المتعثرة ونقص العمالة وغيرها من المشكلات التي من شأنها أن تصحح نفسها عاجلاً وليس آجلاً.

لكن الآن، مع ارتفاع معدل التضخم عما كان عليه منذ أوائل الثمانينيات، يقر مسؤولو إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بأنهم متأخرون.

وبحسب آخر تقرير صادر عن مكتب إحصاءات العمل الأمريكي، بلغ معدل التضخم السنوي في مايو 8.6 %، وهو أعلى مستوى له منذ عام 1981 قياسا بمؤشر أسعار المستهلك، وأظهرت مقاييس التضخم الأخرى أيضا زيادات كبيرة خلال العام الماضي أو نحو ذلك، ولكن ليس بنفس القدر مثل مؤشر أسعار المستهلك. أكبر المشاكل كان التضخم في الولايات المتحدة منخفضا نسبيا لفترة طويلة لدرجة أن الزيادات السريعة في الأسعار بالنسبة لأجيال كاملة من الأمريكيين ربما بدت وكأنها من بقايا الماضي البعيد.

بين بداية عام 1991 ونهاية 2019، بلغ معدل التضخم السنوي نحو 2.3 % شهريا، وتجاوز 5.0 % أربع مرات فقط.

واليوم يصنف الأمريكيون التضخم على أنه أكبر مشكلة في البلاد، وقد قال الرئيس جو بايدن إن معالجة المشكلة هي أولويته المحلية القصوى. الولايات المتحدة ليست المكان الوحيد الذي يعاني فيه الناس من أزمة تضخمية، فقد خلص تحليل أجراه مركز بيو للأبحاث لبيانات من 44 اقتصادا متقدما إلى أن أسعار المستهلكين في جميع هذه الاقتصادات تقريبا ارتفعت بشكل كبير منذ فترات ما قبل الجائحة.

ونشر المركز خريطة أوضحت أعلى وأقل معدل للتضخم في 44 دولة، وفي 37 دولة منها كان متوسط معدل التضخم السنوي في الربع الأول من هذا العام ضعف ما كان عليه في الربع الأول من عام 2020 على الأقل، حيث كان COVID-19 يبدأ انتشاره المميت، ففي 16 دولة كان التضخم في الربع الأول أكثر من 4 أضعاف مستوى العامين السابقين، (من أجل هذا التحليل، تم استخدام بيانات من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهي مجموعة من الدول الديمقراطية الأكثر تقدما في الغالب، وتغطي البيانات 37 دولة من أصل 38 دولة عضو في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إضافة إلى 7 دول أخرى ذات أهمية اقتصادية). مشكلة عامة من بين البلدان التي خضعت للدراسة، سجلت تركيا أعلى معدل تضخم في الربع الأول من عام 2022 بنسبة 54.8 %.

شهدت تركيا ارتفاعا في معدلات التضخم لسنوات، لكنها قفزت في أواخر عام 2021 حيث اتبعت الحكومة سياسات اقتصادية غير تقليدية، مثل خفض أسعار الفائدة بدلاً من زيادتها.

أما في إسرائيل، فقد نما التضخم بشكل أسرع خلال العامين الماضيين، وكان معدل التضخم السنوي في إسرائيل أقل من 2.0 % وبدءا من 220، وبعد ركود معتدل نسبيا بدأ مؤشر أسعار المستهلك في إسرائيل في الارتفاع بسرعة، فقد بلغ متوسطه 3.36 % في الربع الأول من هذا العام، أي أكثر من 25 ضعف معدل التضخم في الفترة نفسها من عام 2020.

وشهدت دول أخرى زيادات كبيرة جدا في التضخم بين عامي 2020 و 2022 تشمل إيطاليا، التي شهدت زيادة بنحو 20 ضعفا في الربع الأول من عام 2022 مقارنة بعامين سابقين (من 0.29 % إلى 5.67 %)، وسويسرا التي ارتفعت من -0.13 % في الربع الأول من عام 2020 إلى 2.06 % في الفترة نفسها من هذا العام، واليونان البلد الذي يعرف شيئا عن الاضطرابات الاقتصادية في أعقاب الانهيار الوشيك للاقتصاد اليوناني في منتصف عام 2010، شهدت البلاد عدة سنوات من التضخم المنخفض - بما في ذلك أكثر من نوبة من الانكماش، بدأت الأخيرة خلال الربيع والصيف الأول من الوباء. لكن منذ ذلك الحين ارتفعت الأسعار بشدة، وبلغ معدل التضخم السنوي في اليونان 7.44 % في الربع الأول من هذا العام - ما يقرب من 21 ضعفًا عما كان عليه قبل عامين (0.36 %). تركيا بالمعدل الأضخم بلغ متوسط التضخم السنوي في الولايات المتحدة في الربع الأول من هذا العام أقل بقليل من 8.0 % وهو أعلى معدل 13 بين 44 دولة تم فحصها.

بلغ معدل التضخم في الربع الأول في الولايات المتحدة 4 أضعاف مستواه في الربع الأول من عام 2020. التضخم في أمريكا بغض النظر عن المستوى المطلق للتضخم في كل بلد، تظهر معظم الاختلافات على نفس النمط الأساسي، مستويات منخفضة نسبيا قبل انتشار وباء COVID-19 في الربع الأول من 2020، معدلات ثابتة أو هابطة لبقية ذلك العام وحتى عام 2021، حيث قلص عدد من الحكومات بشكل حاد معظم النشاط الاقتصادي، والمعدلات المتزايدة بدءا من منتصف إلى أواخر عام 2021، حيث كافح العالم للعودة إلى شيء يقترب من الطبيعي. نمط أساسي لكن هناك استثناءات لهذا النمط العام من الانخفاض والاندفاع، ففي روسيا على سبيل المثال ارتفعت معدلات التضخم بشكل مطرد طوال فترة الوباء قبل أن ترتفع في أعقاب غزوها لأوكرانيا، وفي إندونيسيا انخفض التضخم في وقت مبكر من الوباء وظل عند مستويات منخفضة، بينما واصلت اليابان صراعها المستمر منذ سنوات مع معدلات تضخم منخفضة للغاية.

وفي السعودية انعكس النمط، ارتفع معدل التضخم أثناء الوباء لكنه انخفض بعد ذلك بحدة في أواخر عام 2021، لقد ارتفع قليلاً منذ ذلك الحين، لكنه لا يزال 1.6 % فقط. السعودية تخالف النمط نسب التضخم في الربع الأول من 2022 الولايات المتحدة

8.6 % هولندا

8.8 % إسبانيا

8.7 % ألمانيا

7.9 % اليونان

7.44 % كندا

6.8 % إيطاليا

5.67 % كوريا الجنوبية

5.4 %

سويسرا

2.06 % السعودية

1.6 %