يجد عدد من المخالفين في الأسبوع الميت (أسبوع استعداد المدارس للاختبارات) حيث تخلو المدارس من طلابها، فرصة لمخالفة الالتزام بأوقات العمل الرسمي، ويستغلون أيام هذا الأسبوع للسفر والنزهة، متذرعين بظروف قاهرة تمنع عملهم، إلا أن ما يكدر صفو رحلتهم، هو عجزهم عن توثيق لحظاتهم اليومية خلال الرحلة ونشرها على وجه فوري أو عاجل على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يضطرون إلى تأجيلها وإبقائها بعيدة عن العالم الرقمي بانتظار الفرصة السانحة في وقت لاحق، وذلك خشية من افتضاح أمرهم وتحملهم المسؤولية فيما لو نشروها خلال الأيام التي يفترض فيهم أن يعملوا فيها.

تفريغ رقمي

بات توثيق الذكريات واليوميات ومشاركتها مع الآخرين من أهم أغراض النزهة والسفر، حيث يتباهى بها المسافرون، إلا أن تعميم المعرفة الرقمية، جعل من التطبيقات ووسائل التواصل أسلحة ذات حدين، فنشر اليوميات يمكن أن يوصلها لمن لا يريد أصحاب تلك اليوميات أن تصل إليهم (المدير المسؤول مثلا).

ويضطر هؤلاء المخالفون إلى الاحتفاظ بيومياتهم وعدم مشاركتها مع الأصدقاء حتى لا ينكشف أمرهم، ويبقونها محفوظة بسجلات أجهزتهم الذكية لتفريغ ما احتفظوا وقت (المنع) إلى وقت آخر يتيح لهم النشر.

ولم يقتصر الأمر على الأسبوع الميت وحده، بل لجأ له بعض الموظفين الآخرين خلال فترة العمل عن بعد.

البوح الضار

لا يتضرر من نشر اليوميات والمذكرات أصحابها فقط، بل وحتى بعض مدرائهم من المتراخين مع المخالفين، والذين صاروا اليوم متيقظين لأجهزتهم الذكية، خشية أن يبوح أحد معلميهم أو موظفيهم بسفره، فينكشف ترخيصهم لهؤلاء وتغاضيهم عنهم، وقبولهم بأعذارهم الواهية.

وبادر مدراء مدارس، ورؤساء أقسام إلى تحذير موظفيهم من نشر يومياتهم عبر وسائل التواصل التي يسهل معها تحديد زمن ومواقع بثها، وذلك تجنبا لتعرضهم للمساءلة القانونية، حتى لا يسترهم الأسبوع الميت وتفضحهم مذكراتهم اليومية.

انتهاز للفرص

يقول أحمد العدواني وهو أحد قادة المدارس في حديثه لــ«الوطن» «نواجه تسربا وعدم انضباط للطلاب في الأسبوعين الأخيرين اللذين يسبقان الاختبار في كل فصل دراسي، وتكثر معه طلبات المعلمين لاقتناص تلك الأيام للسفر والنزهة (الأسابيع الميتة)، حيث يطلبون رخص اعتذار وغياب بأعذار مختلفة».

وأضاف «بعض مدراء المدارس ورؤساء الأقسام يتعاملون من باب التعاون مع أصحاب تلك الظروف المزعومة بمرونة، وكثيرًا ما تنتهي تلك المرونة بوضعهم تحت طائلة المسؤولية بسبب نشر المخالفين مذكراتهم اليومية التي تظهر أنهم في رحلة سفر خارج البلاد وليسوا مرافقين لوالد مريض مثلا، أو زوجة متعبة، أو يعانون آلامًا ما».

ويبدو أن الأجهزة الذكية أصبحت عدوة أصحابها الذين ينقلون يومياتهم عبرها بالصوت والصورة، وتتحول إلى إثبات يدين أصحابها.

وكانت مثل هذه الحالات قد تفشت كذلك في أيام العمل المرنة التي جاءت بها جائحة كورونا، وخلالها ارتفعت شهية الموظفين لاستغلال الدوام المرن الذي لم يعد يعتمد فيه إثبات الحضور بالبصمة، لكن غفلة البعض وترويجهم ليومياتهم فضحت تسربهم، ودفعت كثيرا من المسؤولين إلى خشية المسؤولين من توثيق موظفيهم ونشرهم يومياتهم، ما جعلهم أشد حرصًا ونظامية مع الموظفين.

إدارة التقنية

يقول خبير الأجهزة الذكية عمران العمران إن "الاستخدام المتزايد للأجهزة الذكية وما تحويه من برامج جعلها أداة مهمة في اقتناء المعلومات بأشكالها المختلفة، حتى تحولت في أحايين كثيرة إلى مراكز معلومات يستفاد منها حتى في علم الأدلة الجنائية، وباتت تلك الأجهزة من وسائل وطرق الإثبات ضد أصحابها لأكثر من 85% من القضايا الجنائية، إلا أنها صارت تستدعي مواجهتها على مستوى الأفراد بدراسة فن إدارة استخدامها والحد من خطرها.

ولعل أهمية وحسن استخدام تلك الأجهزة، هو ما دفع عددا من المختصين لمطالبة وزارة التعليم بمقررات دراسية في التعليم العام لتأهيل الطلاب وتثقيفهم عن بعض القنوات وتطبيق التواصل كون مشاهير المستخدمين أصبحوا واجهات سلبًا أو إيجابًا لبلدانهم فضلًا عن كونها إعلام ينقل ثقافات الشعوب للعالم.