ذهب صاحبنا لاستراحة الشباب بعد صلاة العصر، وإذا به يجد ثعبانا من نوع غريب سريع الحركة ولونه ليس من الألوان المعتادة، المهم أن صاحبنا فر مسرعا وأبلغ زملاءه «الاستراحيون» بعدم الحضور لعزيمة تلك الليلة، وبعد أن فر الثعبان مسرعا لحق به صاحبنا حتى رآه يأرز إلى الاستراحة المجاورة، واتصل على المؤجر وطلب منه رقم عميد تلك الاستراحة حتى يتم تنبيهه كذلك، وما إن أوصل حالة الاستنفار إلى مستوى الـ Code Red حتى مسك وعيه أخيرا، وقال لماذا لا أستغيث بالمختصين بدلا من «مطارد» ذلك الثعبان وقتله، فاتصل على مركز بلاغات وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان 940 وأجابته الموظفة بقولها «ماهوب من اختصاصنا» بل من اختصاص وزارة البيئة والمياه والزراعة ورقم البلاغات التابع لهم هو رقمنا ناقص واحد أي 939، وأغلق صاحبنا الخط بسرعة لأنها تطلب منه التقييم بينما هو يرتجف، واتصل فورا على وزارة البيئة وبعد أن فر على جميع الخيارات عبر الرد الآلي وصل أخيرا إلى الموظف، والذي رد عليه على الفور بأنه ستصلك رسالة الآن برابط إلكتروني وأنه عليك إدخال البيانات بدقة متناهية، إذ لا تختار نوع الحيوان ك (دب قطبي) أو (بطريق) بل يجب التأكد أنك اخترت ثعبانا، وكذلك عليك اختيار ماهو نوع سبب الطلب، هل لأن ذلك الثعبان نادر أم لأنه هجم على الأحياء السكنية ويشكل خطرا، أم فقط لأنه حضر لاحتساء شاي العصر معكم في الاستراحة، والأهم من ذلك أن تحدد عبر خرائط قوقل وبالدقة المتناهية موقع تلك الاستراحة، ومن حسن حظ صاحبنا أن لديه جوالا متصلا بالإنترنت، فأدخل ما طلب منه في دقائق معدودة، وبقي يرفع رأسه إلى السماء منتظرا السقوط المظلي لقوة الكوماندوز التي سترسلها الوزارة لتلتقط ذلك الثعبان في ظرف ثوان.

المهم أن صاحبنا أصبح صديقا للثعبان في اليوم التالي للبلاغ، إذ كان يقول الثعبان له «جاو ولا باقي»، «طيب أذن العصر ولا باقي» وهكذا لتضييع الوقت في الانتظار، ولم يتم حتى هذه اللحظة أن كان هناك أية ردة فعل من مركز البلاغات سوى رسائل نصية وإيميلات تبلغك أنك محل الاهتمام، وأنه سيتم حل بلاغك في أقرب فرصة ممكنة، وبدأت إجازة الويكند وحضر بقية الشباب للتعرف على صديقهم الثعبان، والذي أصبح يجيد طبخ «المضغوط».

قد يكون هذا المقال ساخرا إلى حد السذاجة، ولكن ليس أكثر سذاجة من طريقة تعامل مركز البلاغات ذلك مع الحياة الفطرية، فهل من المعقول أن يكون هناك بلاغ لأكثر من أسبوع عن هجوم ثعبان، هل من الممكن أن يبقى ذلك الثعبان منتظرا حتى يصل فريق الإنقاذ وحماية الحياة الفطرية بعد أسبوع مثلا.

ما أريد قوله إن هناك جهات قد تهتم بإنشاء المصفوفة التنظيمية للعمل أكثر من العمل نفسه، بإيجاد مخطط تنظيمي وموقع إلكتروني متكامل دون إيجاد فائدة حقيقية له، فهل كان من الأسهل على تلك الجهات مثلا أن توفر تدريبا متخصصا لرجال الدفاع المدني على طريقة التعامل مع الزواحف السامة والحيوانات المفترسة، وتوفير أجهزة وأدوات تسهل عليهم الإمساك بها دون قتلها كجزء منوط بالوزارة للمحافظة على البيئة، وبتعاون مشترك مع المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، أما فيما يخص أمر ذلك الثعبان أعلاه فقد اشترك في «قطية» (استراحة الشباب والثعبان).