في كثير من الأحيان يواجه العديد منا أشخاصاً قد يصادفهم للمرة الأولى، أو أن تكون العلاقة الاجتماعية بين الشخصين لا تُخوله معرفة بعض التفاصيل الخاصة التي تتعلق بحياتك الاجتماعية أو العملية، فيكون عدم الرد مناسباً في هذه الحالة، إلا أن الشخص المقابل يستمر في الطلب ومعرفة هذه التفاصيل الخاصة، ولم يدرك أنك لا ترغب في الرد وإعطائه مبتغاه من المعلومات التي لا تمت له بصلة، فقد يريد الحصول عليها لنشرها، أو التندر عليها مع الأسف في مجلس آخر، وإذا لم تعطه التفاصيل فقد يُفسر ذلك بأن وراء الأكمة ما وراءها.
وللخروج من مثل هذه المواقف بطريقة مهذبة وغير جارحة يمكنك استخدام العديد من الإستراتيجيات التي تمكنك من الخروج من هذا الموقف الذي يوترك ويضعف مكانتك أمام الحضور، خصوصاً إذا تم طلب التفاصيل أمام جمع من الناس، ومن هذه الإستراتيجيات تغيير تعابير الوجه بشكل متعمد، بحيث يمكن للسائل أن يلاحظ ذلك فيتوقف عن الإصرار، ويستحي ويتراجع وتنتهي المساءلة، كما يمكن الخروج من هذه المآزق المحرجة من خلال توجيه الحديث بشكل يضمن توجيه نصيحة بأن الخوض في التفاصيل الخاصة قد يسبب الألم للمجيب، ومن المعيب الإصرار على الإجابة وهي تسبب للمجيب ذلك الألم وتخرجه عن جو المناسبة وتعكر صفو حديثه، كما أنه يمكن الخروج من هذه المواقف من خلال تذكير السائل أن المكان والزمان غير مناسب للخوض في تلك التفاصيل، ويمكن تأجيلها لوقت آخر، أو إرسال رسالة له على هاتفه أن الزمان والمكان غير مناسب فيتوقف.
وفي جانب آخر قد تتوقف عن الرد على الهاتف مثلاً، أو قبول دعوة لمناسبة، أو استقبال أحد في منزلك، وقد يتم تفسيرها من قبل المتصل بأنه نوع من التجاهل أو التكبُّر أو عدم الاهتمام، والحقيقة أنك قد تمر في كثير من الأحيان بفترات لا تستطيع التفاعل مع الآخرين لحاجتك إلى وقت يمكنك من قضاء حاجاتك أو مستلزمات أبنائك، أو أن يكون تصادف الاتصال مع أوقات الخلوة مع الذات، أو أن حالتك النفسية لا تمكنك من استقبال المكالمات أو الاستضافة بالمنزل، وهنا لا بد من الطرف الآخر قبول العذر حتى لو لم يتم تفصيله منك، والبحث عن موعد آخر مناسب، وعدم الإصرار بقول (سلامات خير إن شاء الله عسى ما شر)، التي تسبب المزيد من الحرج، وطلب المزيد من التفاصيل التي لو أردت الخوض فيها لذكرتَها.
وختاماً فلندرك وبقناعة أن إعذار الناس من عدم الرد هو من تمام الأدب، بل من صميم الحب، فمن يعذرك عن عدم الرد فهو يحبك بصدق، ويدعو لك بالخير في كل أمورك، ومن لا يعذر فليراجع نفسه، وليقيم مستوى أدبه، وحبه واحترامه لمن لم يرد عليه.