مجموعات الدعم والمساندة شبه مفقودة في مؤسساتنا، وإن حاولت أن تبحث عنها عبر الإنترنت ستجدها ذات طابع ربحي مكلف وغير مجدٍ.

ما هي مجموعات الدعم؟ هي تنظيم لمجموعة من الأشخاص يعانون من مشكلة ما قد تكون مزمنة أو مؤقتة، صحية أو اجتماعية أو نفسية. بحيث يتاح لهم الاجتماع بعدد يسمح بالتفاعل و الحوار تحت إشراف شخص (ميسر) لا يتدخل في الحوار بل يوجهه فقط. وضمن نظام يكفل لهم السرية والخصوصية والأمان مهما كان ما يفصحون عنه.

نشير هنا إلى مساحة احتياج واسعة جدا وحالات بالعشرات، ولعل أكثرها شهرة في غالبية المجتمعات هي فئة المدمنين وضحايا العنف الأسري أو ضحايا الاغتصاب أو مرضى الإيدز أو السرطان أو التوحد أو الاكتئاب أو اضطراب الهوية الجنسية أو الزهايمر أو العقم أو ذوي الاحتياجات الخاصة أو كبار السن أو السيدات الحوامل أو المرضعات أو الثكالى.

باختصار كل من يختبر حياة مقلقة غير مستقرة ويريد أن يأوي إلى مجتمع يشبهه ويحتويه. كل من يحتاج للحديث ومشاركة تجربته. فلا شيء يساعد الإنسان على الصمود كالاتكاء على مجتمع يقدره ويمنحه مساحة للتعبير.

في مجموعات الدعم يتبادل الأشخاص المعلومات حول مشكلتهم ويعرضون إستراتيجياتهم الدفاعية ويتشاركون تجاربهم ومشاعرهم دون إحساس بالضعف أو العار ودون أن يشعروا بأنهم معرضين للنقد أو النصائح الفوقية.

هذه المجموعات تسمح للأشخاص بالتعبير عن ذواتهم واحتياجاتهم وإعادة رواية قصصهم مرة تلو مرة، واكتشاف جوانب مشرقة وملهمة في حياتهم، هذه إحدى التقنيات النفسية المهمة للتشافي أو على الأقل للتعايش مع الحالة.

أرى أن تطبق هذه التجربة لدينا وبشكل مؤسسي بإصدار نظام واضح يسمح بإنشاء المجموعات وتوجيه المستفيدين إليها ومن ثم المتابعة والإشراف المرن على الحالات.

مثل هذا النظام يجب أن تعتمده المؤسسات الصحية والاجتماعية وأن يدرج ضمن البرامج العلاجية ويكون معلنا ومتاحا بسهولة لمن يشعر أنه يحتاج إليه حتى لو لم يتلق أي علاج.

كما أن اعتماده ضمن الأنظمة الرسمية سيقطع الطريق على العشوائية الموجودة في بعض المراكز أو المواقع الإلكترونية، والتي قد تستغل المحتاجين للدعم استغلالا ماديا أو معنويا.

يتحتم علينا كبشر أن نعتني ببعضنا قدر المستطاع، ولعلي هنا أختم بمقولة ألبير كامو الشهيرة «عـارٌ على البشرية أن ينتحر أ حدهم وقد كان في حاجة إلى عناقٍ طويل».