وكمثال على هذه المعاناة مواطن تفاوض مع مؤسسات لتفصيل كنب ومفروشات وإذا به يجد اختلافاً في التمتير يشير في مجمله إلى زيادة غير مبررة، وحين اعترض قالوا هذا تمتيرنا وإلا مع السلامة.
وفي أسواق الأنعام يتكرر المشهد نفسه ، فالأسعار حسب مزاح البائعين، وأغلبهم غير سعوديين، مما يجعل الشراء والخضوع للسعر أمراً لا مفر منه. وبقيت أساليب بيع المواشي كما هي منذ عقود طويلة مع ارتفاع الأسعار.
وأتذكر قصة قديمة تناقلتها مجالس السمر في منطقة عسير بين بائع في سوق شعبي تحلقت أغنامه حوله وأحد المتسوقين، واقتصر الحوار على كلمتين بعد أن حدد المشتري السعر ليقول له «خِيّرة» والبائع يرد (على الشف)، فتدخل أحدهم حين طال الوقت موجهاً سؤاله للطرفين: ما الفائدة لا أنت بعت ولا هذا اشترى؟ أخبرنا بالسعر.
فقال البائع: أما (إمّعَتود) ويعني التيس فبداية سومه 300 ريال، وشاورت في 350، ودفع شخص قبلك 400 ريال ورفضت حتى بزيادة 50، لكن إذا دفعت لي 500 ريال الله يبارك لك.
ولم يستطع الرجل ومن معه أن يكتموا ضحكاتهم وتعجبهم من هذا المنطق التجاري الصارم والظريف.
وفي عصرنا الحاضر أصبح وجود ميزان خاص بجوار حظائر بيع الأغنام مطلباً للناس بحيث يتم وزن التيس أو الخروف قبل دخول المسلخ بعد تحديد سعر الكيلو، وهذا يؤدي إلى قطع التلاعب بالأسعار.
ولابد أن تتدخل الجهات المختصة لمنع تواجد العمالة المتخلفة في أسواق المواشي، لأنهم يراقبون بعيون جائعة حاسدة ما يشتريه المواطن، ويتسابقون بالقوة على نقل الذبيحة فوق ظهورهم إلى المسلخ، ولا يقنعون بما يأخذونه من الريالات، بل يطلبون قطعة لحم يسدون بها جوعهم كما يزعمون.
وحتى نقضي على فوضى التمتير والغش في أعمال النجارة والديكور والمطابخ وغيرها أقترح إيجاد مكاتب يعمل بها متخصصون مهمتهم التمتير بعد الانتهاء من تنفيذ العمل بمقابل مادي، وهو يشبه عمل المكاتب الهندسية اليوم في تمتير المباني بعد انتهاء المقاول.
أتمنى من الجهات المختصة دراسة هذين المقترحين لأن فيهما ما يحمي المواطن من عشوائية التمتير وفوضى الأسعار.