في ظل تخاذل متعمد واللامبالاة من قبل المجتمع الدولي، والمنظمات الأممية التي يستنزف دعمها ميزانيات الدول، خاصة الدول العربية والإسلامية تحت عنوان عريض، وشعارات أنها تقدم الدعم المالي والسريع للبلدان الأكثر فقرا، خاصة عند الكوارث والنكبات والحروب، لكن هذه الأموال التي تدفع من قبل الدول لهذه المنظمات وأهمها الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، سواء الرسمية أو غير الرسمية لا يوجه منها إلى الدول في القارة الإفريقية أو أي دولة أخرى غير القليل،كذلك لا اهتمام أو مصداقية من قبل القائمين على هذه المنظمات تجاه الدول النامية، خاصة في القارة السمراء، لكن متى ما تعرضت دولة من دول أوروبا أو ولاية من الولايات المتحدة الأمريكية لكوارث طبيعية أو أخرى مثل الحروب، تستنفر هذه المنظمات كل إمكانياتها وعلى وجه السرعة لتقديم الدعم المالي، وتوفير السكن والغذاء للمتضررين، وهذا يفضح كذب وازدواجية دول العالم، ما يسمى الدول المتقدمة والهيئات والمنظمات الدولية، وكذب وزيف شعاراتهم وعنصريتهم، فلا يقدمون أي مساعدة إلّا على قدر ما لهم ويخدم ويحقق مصالحهم في هذه الدول، التي تعاني ويلات الفقر والكوارث الطبيعية، والتي أساسا تعاني شعوبها الفقر والمجاعة، ليس بسبب أنه لا يوجد في هذه الدول ثروات بل بسبب استغلال الدول الكبرى لثروات هذه الدول، من خلال حكومات لا قرار سيادي لها بل تنفذ ما يملى عليها، وتارة أخرى ببث سموم الحروب الأهلية وتغذيتها، ومن خلال هذا يقومون بنهب ثروات هذه البلدان خاصة في القارة السمراء.

شبح المجاعة بدأ يلوح في الأفق وظهر للعلن ما تمر به الصومال من فقر ومجاعة، وهذه نتيجة طبيعية لسنوات من التناحر والحروب، منذ سقوط حكومة الرئيس محمد سياد بري بسبب التدخلات الدولية في هذا البلد، وقيام الجنرال محمد فرح عيديد بطرد القوات الأمريكية في عام 1990م، وبسبب طرد الصوماليين بقيادة الجنرال محمد فرح عيديد قوات الكوماندوز التي دفعت على تدريبهم مليارات الدولارات، التي تؤخذ من جيوب المواطنين الأمريكيين خاصة الفقراء منهم ضرائب، لم تستطع مواجهة عيديد وأبناء الصومال، وهذا يحسب للجنرال فرح عيديد الذي رفض بيع الصومال رغم ما عرض عليه من منصب ومليارات الدولارات، فلجأت أمريكا إلى زرع وتغذية فصائل صومالية حتى تتناحر وتتقاتل فيما بينها، وشراء أشخاص لا ضمير لهم ولا انتماء وطني، ووضعهم في سدة الحكم لضمان بقاء مصالحهم في أمان، أما الصومال والصوماليون فلا يعنيان لهم شيء، وأكبر دليل على شراء عديمي الضمير شيخ محمد شيخ الذي كان يدعى شعارات الجهاد ضد الولايات المتحدة الأمريكية زيفا، وفجأة وبدون مقدمات نقل بواسطة طائرة أمريكية من إثيوبيا إلى مقديشو ليتم تنصيبه رئيسا للصومال، تحت حراسة شركات أمنية أمريكية وروسية، وبقي هذا الشعب أكثر من ثلاثين عاما في الحروب الأهلية، فكيف يكون هناك نماء وتنمية وزراعة وإنتاج في بلد شعبه يقاتل بعضه بعضا ، من المستفيد من هذا؟

الجواب عند عقلاء الصومال من ساسة ومثقفين ومفكرين ومن له ضمير حي، وله انتماء للصومال حقيقي أرضا وإنسانا بعيدا عن المصالح الشخصية، من أجل بناء الصومال وتحقيق التنمية وبناء دولة واقتصاد، والتسليم بأنه لا مستقبل للبلد إلا في ظل السلم والتآخي وحكومة تكون لكل الصوماليين، وأن يتقبل كل طرف الآخر وتدفن حقبة الصراع والاقتتال والحروب، تحت شعار الوطن والسلم والتنمية والصومال أولا، وإلقاء السلاح وتقديم مصلحة الصومال والصوماليين على أي مصلحة شخصية.

ما يمر به اليوم الصومال من مجاعة مفزعة يندى لها الجبين، ثم السودان، كم يحتاج المجتمع الدولي عددا من الأموات والمشردين بلا طعام وبلا سكن ومأوى في العراء، من الصوماليين والسودانيين حتى يقدموا لهم يد العون والمساعدة.

ومن منطلق نهج قيادة هذه البلاد المباركة في تقديم الدعم لكل الفقراء في العالم دون تمييز، منذ تأسيس هذه الدولة على يد الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود يرحمه الله، وإلى الملوك من بعده من أبنائه إلى عهد مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسيدي ولي العهد محمد بن سلمان حفظهما الله، فقد وجه مولاي خادم الحرمين الشريفين وسيدي ولي العهد بتقديم مساعدات عاجلة للشعبين الصومالي والسوداني، واستحداث منصة ساهم من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة، وهذا دليل أن قيادة هذه البلاد حفظهم الله حريصون على تلمس ما يعانيه الفقراء في كل دول العالم الإسلامي وغير الإسلامي. لأن الفقير هو إنسان بغض النظر عن ديانته، وما يشاهده العالم اليوم عبر الإعلام المرئي والمسموع والمقروء، والقنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي من مجاعة وفقر في الصومال والسودان وغيرهما من الدول الكثير، هو وصمة عار في القرن الحادى والعشرين في جبين من هم على رأس الهرم، للأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والهيئات الإغاثية، ويفضح عنصرية الدول التي تدعي التقدم وحقوق وتنمية الإنسان، فلا تقديم مساعدات ومعونات إلا بقدر ما لهم من مصالح، وضمان هذا قبل تقديم أي مساعدة.