طالعتنا وسائل التواصل الاجتماعي الأيام الماضية بمقاطع لبعض سائقي سيارات الأجرة يتحدثون بشكل مسيء ومتطفل، عن سيدات طلبن الخدمة. كما شهدنا شابا يطرد فتاة من احتفال عام بطريقة مهينة. ثم رأينا من يساند هؤلاء ويدعم موقفهم وهو ما يوحي بأننا أمام بنية اجتماعية ذات تراتبية وتنظير وسيطرة وتحكم في مجريات الحدث. هذه المشاهد للأسف تطوف العالم في لمح البصر، وتبنى عليها التحليلات وتعقد حولها المقارنات، وتتشكل وفقا لها كثيرا من الآراء والتوجهات.

وللمصادفة فإن هذه الأحداث تتزامن مع إقرار مجلس الوزراء لنظام السياحة الجديد والذي جاء ضمن بنوده حظر كل ما يسيء للسياحة السعودية، ولعل هذه الممارسات والإساءات للنساء هي من أقوى الدعايات المضللة حول ثقافتنا ومجتمعنا، وهذه نقطة لا يمكن تجاوزها أمام السائح الذي يعلم أن ثقافة الشعب المضيف جزء لا يتجزأ من رحلته.

ينبغي على شركات النقل والخدمات السياحية والترفيهية والضيافة بشكل عام أن تدرب موظفيها وكوادرها تدريبا يتجاوز المهارات الوظيفية، ليشمل الانضباط الأخلاقي والوعي بحدود عمله، والحفاظ على خصوصية العملاء واحترام حريتهم الشخصية.

يعد الانتعاش السياحي أحد أهم مستهدفات التحول الاقتصادي، والسعودية تستحق أن تكون وجهة سياحية مهمة لكل شعوب الأرض، بما تحتويه أرضها من طبيعة وشواطئ وآثار وأماكن تاريخية. ولكن علينا أن نعالج كل ما من شأنه إعطاء صورة خاطئة عن الشعب السعودي، وألا يسمح للنماذج المسيئة الفردية بأن تملأ فضاء السوشيال ميديا بأفكارها الرجعية المسيئة. والمعروف أن الشعوب التي لديها عقد تجاه جنس معين أو عرق أو دين أو انتماء لا يمكن أن تكون جاذبة للسياحة، فالسياحة لا يمكن أن تزدهر بمعزل عن التنوع.

تعزيز الثقة في السياحة السعودية يمر من خلال ترسيخ سلوك مجتمعي قادر على تقبل كل الأفكار والخيارات ما لم تكن ضارة أو مخالفة للقانون. ويتطلب هذا عملا ممنهجا تقوم به مؤسسات التعليم والإعلام لنشر ثقافة أكثر مرونة وأقل تحفظا. كما يتطلب بلا شك رقابة على أي محتوى غير منضبط.

باختصار.. نحن شعب يتحرك بسرعة من منطقة العزلة إلى دائرة الضوء، ويتطلب هذا الانتقال كثيرا من العمل على كل ما اعتدنا عليه من أفكار ومسلمات وتقاليد.