تعتبر المدرسة المحضن الأول للتربية وتعديل السلوك، أو بعبارة أشمل وأدق هي المحضن الأول للإعداد للحياة، ولا يمكن أن تؤدي دورها الكبير دون تخطيط سليم مبني على تقدير الاحتياجات، ومراعاة الإمكانيات، وتحليل منظم للبيانات والمعلومات المتوفرة عن الأداء السابق، والرؤية المستقبلية لما تريده من أهداف، تحقق في مجملها أهداف السياسة العليا للتعليم، وتحقق الرفعة والعزة للوطن.

ويشكل العام الدراسي في كل بدايةٍ له أهميةً كبيرةً لدى المسؤولين في وزارة التعليم، وفي إدارات التعليم، وإدارات المدارس، نظراً لما للبداية الجادة من دور محوري في انتظام العمل التربوي للمدارس، ولما تعكسه تلك البداية من نظرة إيجابية نحو الأداء التربوي للمدرسة أمام المجتمع.

وقد لخصت الهيئة الوطنية للأهداف التربوية بالولايات المتحدة الأمريكية (NEGP) المفاتيح العشرة لجاهزية المدارس لاستقبال الطلاب في العناصر التالية: المدارس المستعدة تسهل الانتقال السلس بين المدرسة والبيت، كما أن المدارس المستعدة تكافح لاستمرارية البرامج من مرحلة ما قبل المدرسة إلى دخول الطلاب للمدرسة الابتدائية، والمدارس المستعدة تعمل على تحقيق النجاح والتفوق لجميع الطلاب، والمدارس المستعدة تساعد الطلاب على إدراك تعقيد وإثارة العالم الخارجي، والمدارس المستعدة تتعهد بنجاح المعلمين في أداء مهماتهم خلال اليوم الدراسي، والمدارس المستعدة تقدم التسهيلات اللازمة لتحقيق الإنجاز العالي، والمدارس المستعدة منظمات متعلمة وتقوم بتعديل الممارسات والبرامج إذا لم تحقق الفوائد المرجوة منها، والمدارس المستعدة تساعد الطلاب على التفاعل مع المجتمع المحيط بهم، والمدارس المستعدة تتحمل مسؤولية نتائج ممارساتها، وأخيراً المدارس المستعدة تملك نظاماً قوياً للقيادة التربوية.

ومن خلال استعراض المفاتيح أو الأهداف السابقة للمدارس المستعدة والتي حددتها الهيئة الوطنية للأهداف التربوية بأمريكا يتضح التوسع الكبير في مفهوم الاستعداد والجدية سواء في بداية العام الدراسي أو خلاله، وبهذا يمكن القول إن الاستعداد والجدية للعام الدراسي الجديد لا يعني الاستعداد بالتجهيزات المدرسية كالكتب والمقررات والمقاعد... أو اكتمال أعداد المعلمين في المدرسة فقط، بل يتوسع المفهوم ليشمل كل جوانب الاستعداد سواء على مستوى التجهيزات المادية، أو الكوادر البشرية، أو على مستوى تخطيط البرامج والفعاليات، ودراسة المخرجات السابقة، وتحليل النتائج للبدء السليم للعام الدراسي.

ونحن على ثقة أن مدارسنا تؤدي أدوارا مميزة، ويبذل المعلمون جهوداً جبارة لتحقيق الأهداف سواءً على مستوى المنهج، أو على مستوى الأهداف العامة للتعليم ومراميه البعيدة، وهذا يستلزم من أولياء الأمور أيضاً أن يشكلوا مع المدرسة بناءً يضمن للطلاب أن يحصلوا على تعليم جيد، يمكنهم من أن يخوضوا غمار المهمات الصعبة في المستقبل، ويسهموا بفاعلية في بناء الوطن في ظل رؤية (2030) الطموحة والتي يشكل فيها الإنسان وبناؤه محور الارتكاز بها.

كل الشكر والتقدير والعرفان لرائد النهضة في وطننا الغالي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ولمهندس الرؤية ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، ولكل المعلمين والمعلمات والهيئات الإشرافية على ما بذلوه من جهود كبيرة لبداية موفقة بإذن الله للعام الدراسي الجديد، وعوداً حميداً لأبنائنا الطلاب وكل عام دراسي وأنتم بخير.