من المتوقع أن تواجه الصناعات الكيميائية تحديات كبيرة في النصف الثاني من العام الجاري نتيجة الحرب الروسية- الأوكرانية في حين انخفضت آثار جائحة كورونا إلى أدنى مستوياتها في أنحاء العالم باستثناء آسيا.

وفي ظل تأزم الوضع في أوروبا التي تنتظر أن ترتفع عليها أسعار الطاقة خلال الشتاء بنسبة تتراوح من 50 - %80 من المتوقع ألا يتأثر الطلب على الكيماويات كثيراً في أوروبا. حيث ستقود دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا الطلب في النصف الثاني نتيجة انخفاض الطلب الصيني الذي لا يزال يعاني من بطء في الانتعاش الاقتصادي نتيجة الإغلاقات المتكررة حيث تم إغلاق مدينة شنغهاي في الربع الثاني وسط ارتفاعات متزايدة في معدلات الإصابة بكوفيد، وهو ما قد يدفع بمنتجي الكيميائيات الآسيويين لخفض الأسعار في النصف الثاني لتصل لمستويات تنفاسية على مستوى العالم.

في حين يأمل صناع الكيميائيات في العالم المحافظة على الأداء الممتاز والأرباح خلال النصف الأول حين عوضت أسعار البيع العالية ارتفاع كلفة الإنتاجه، تأتي التقلبات في أسعار المواد الخام واللقيم وتبعات الحرب الروسية الأوكرانية وانخفاض الطلب من آسيا لتهدد استقرار تلك النتائج.

وعلى الرغم من أن سوق الكيمائيات لا تزال محكومة بحالة عدم اليقين، فإن شركات مثل داو كيميكال وباسف تتوقع استمرار الربحية مع تراجع في إجمالي الأرباح للربعين الأخيرين بحسب التصريحات الرسمية من الشركتين اللتين حققتا أرباحاً تتجاوز %25 للفترة نفسها من العام السابق.

أما شركة ميتسوبيشي اليابانية، فقد حققت أرباحاً بمعدل %38 للفترة من العام الماضي للنصف الأول. وتتوقع الشركة أن ترتفع تكاليف النافثا بأكثر من 35% لبقية العام ما سوف يضعف هوامش الربح للأوليفينات والبوليمرات.

بالنسبة للنصف الثاني من العام الجاري، من المفترض أن يتوسع إنتاج الكيمياويات عموماً مع قيادة الدول الغربية للطلب، وذلك بنسبة تصل إلى %3 بعد زيادة بلغت %5.3 عن العام الماضي وذلك وفقاً لتقرير ACC الأمريكية. وتشير الاستقراءات إلى أداء ممتاز لقطاع الكيماويات الأمريكي هو الأفضل خلال عقد من الزمن ليصل إلى %4.1 رغم القيود والتحديات على قطاع التوريد وسلاسل الإمداد. في حين سينمو إنتاج المواد الكيميائية بنسبة 2.9% في كل من آسيا والشرق الأوسط وإفريقيا. وبنسبة %2.5 في أمريكا اللاتينية. ومن المتوقع أن ينكمش الإنتاج في أوروبا الشرقية وروسيا ودول الاتحاد السوفييتي السابق بنسبة 9% بسبب العقوبات المفروضة على الشركات الروسية. أما في أوروبا الغربية فتراجعت التوقعات بالنمو إلى %1.4 بعد نمو تجاوز %4.5 العام الماضي. وفي حديثها عن مستقبل السوق، ذكرت كارين ماكي «رئيسة شركة أكسون-موبيل حلول المنتجات» أن الطلب سيبقى جيداً جداً وسوف تلحق كل الدول المنتجة بالسوق بمجرد عودة الانفتاح واستعادة سلاسل التوريد فعاليتها لإيصال المنتجات للزبائن. وهو أيضاً ما ذكره بمعناه بيتر هانتسمان رئيس شركة هانتسمان الكيميائية. ولعلي ألخص للقارئ الكريم التوقعات خلال النصف الثاني بحسب نوع المنتج. فالمركبات العطرية الأروماتية من المتوقع أن يستمر الطلب عليها من أوروبا وأومريكا نتيجة تشغيل وحدات جديدة للستايرين. في حين تبقى الصين معتمدة على الوضع الوبائي الذي سيؤدي تراجعه إلى زيادة الطلب على العطريات.

بالنسبة للأوليفينات، فإن الحذر يشوب النصف الثاني بسبب توقعات بانخفاض الطلب في آسيا في حين يمضي الوضع اعتيادياً في الدول الغربية. أما البروبلين فإن الطلب سيكون من آسيا في حين تلقي الحرب الروسية- الأوكرانية أكبر الأثر على المنتج في أوروبا.

البيوتادايين بدوره يتوقع أن يواجه انخفاضاً في الطلب عالمياً مع خفض الإمدادات الآسيوية. أما كيميائيات الإيثلين جلايكول فمن المتوقع أن تضاف قدرة إنتاجية جديدة في النصف الثاني مع زيادة في المعروض في السوق الأمريكية مع تراجع في آسيا وتردد في أوروبا من حالة عدم اليقين.

أما أسواق البولي إيثلين فستواجه تباينات عديدة بدءا من زيادة تكاليف الطاقة وزيادة المعروض إلى القيود اللوجستية في حين تخفض أوروبا طلبها على المنتج. في حين يواجه البولي بروبلين انخفاضاً للطلب الصيني ومشكلات مناخية وجوية في الشتاء للمنتجين الأمريكيين في حين تعاني أوروبا من الإشكال الروسي الأوكراني خلال بقية العام ما يعني انخفاضاً حاداً للطلب على المنتج والحال نفسه على منتج بولي فينايل كلورايد PVC الذي يتوقع أن يدفع إنتاج الصين أسعاره للتراجع بقية العام.

ويبقى (النمو الحذر) هو العنوان الذي يستحقه النصف الثاني للصناعات الكيميائية بشكل عام. على أمل يصل الصراع الجيوسياسي شرق أوروبا إلى حل قبيل نهاية العام عل وعسى أن تعود الأسواق للانتعاش والنمو بوتيرة أسرع من العام الماضي.