فتحت وسائل التواصل الحديثة، الباب على مصراعيه لأطياف المجتمع للتعبير عن أفكارهم، والإفصاح عن الآراء وكتابة التعليقات، وأنهت احتكار بعض كُتاب

الرأي الذين استمروا فترات طويلة.

لكن للأسف نجد فئة المتيمين بهذه الوسائل يعانون من اعتلالات نفسية تكشفه أخلاط تغريداتهم وتوترهم الدائم ونظرتهم الضيقة المحشورة، بكانوا وكنا وماذا أكلوا ولبسوا ومن زارهم وأين ذهبوا؟ ويطرحون قضايا ليست من اختصاصهم ويكثرون من النقد، وينقلون مقاطع مكررة نشرتها قبلهم مواقع وصحف إلكترونية.

ولم يسعفهم الذكاء أنهم بتفحيطاتهم اللفظية وسعيهم حصد المزيد من المتابعين، يحرثون في صبخة مالها من قرار، وأصبحوا في مرمى سخرية الآخرين بسب أخطائهم اللغوية وغياب الحكمة ونقص المعلومة الصحيحة.

وأعتقد أن هذه الظاهرة بحاجة إلى متخصصين في علم النفس والاجتماع والاتصال، لبحث أسباب التوتر الدائم في تويتر، وأغلبهم من كبار السن الذين دخلوا عامهم السبعين ممن يتوقع منهم الحكمة والكلمة الطيبة والقدوة الحسنة، وخلاصة التجارب والخبرة وليس الاستهتار والغمز واللمز وثقالة الدم.

يقول الشاعر..

لسان الفتى نصف ونصف فؤاده

فلم يبق إلا صورة اللحم والدم

وإن سفاه الشيخ لا حلم بعده

وإن الفتى بعد.السفاهة يحلمِ.

ولم يعد خافيا على أحد أن وسائل التواصل بحر متلاطم الأمواج، كل موجة تمسح أختها وكل تغريدة تناقض ما قبلها في المبالغة والتلفيق والاستهتار.

وقد خلصت نتائج دراسات نفسية إلى أن تعود وإدمان الإنسان على هذه الوسائل، يسبب له القلق والاكتئاب وأكدت على أهمية استبدالها قدر المستطاع برياضة المشي والقراءة والتواصل الحقيقي مع الأقارب والأصدقاء، والخروج في أرض الله للتنزه والعودة للهوايات الجميلة التي كنا نمارسها وهجرناها دون مبرر.

وقديما قالوا «خير عادة للمرء ألا تكون له عادة».