ليعمل نظام ذكاء اصطناعي ما، فإنه يلزم تطويره باستخدام كم من البيانات. هذه البيانات هي الركيزة الأولية التي تبنى عليها تلك الأنظمة، فبقدر توفر البيانات ترتفع جودة خوارزميات الذكاء الاصطناعي.

يتم تدريب خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتقوم بأعمال ذكية باستخدام البيانات، فالخوارزميات تنظر إلى البيانات وتحللها وتخرج منها بتفسيرات للعالم من حولها، ولذا تكمن أهمية البيانات ليس فقط في الكم بل حتى في الكيف، فجودة البيانات التي يتم تدريب الخوارزميات باستخدامها تلعب الدور الرئيس في جودة الخوارزميات.

من الأنظمة التي تعتمد اعتماداً كلياً على قواعد البيانات المعرفية لتعمل بالشكل المطلوب أنظمة المحادثات الآلية (Chatbot) أو ما يعرف بالـ«شات بوت»، وهذه الأنظمة تقوم بالمحادثة المباشرة مع المستخدم آلياً للإجابة مثلاً عن استفساراته، أو مساعدته في الوصول لحل مشكلة معينة، بل يمكن استخدامها في مجالات عدة كالتسويق للمنتجات، وهكذا.

الخوارزميات التي تُبنى عليها أنظمة الشات بوت، ليتم تطويرها، فإنه يلزم استخدام قواعد بيانات خاصة بالدردشة والمحادثات الطبيعية التي تتم بين البشر، بمعنى أن خوارزمية الدردشة تحتاج إلى الاطلاع على محادثات حقيقية بين شخصين، لتستطيع لاحقاً العمل بشكل آلي، وبالتالي فلبناء خوارزمية شات بوت يلزم توفر كم كبير من بيانات المحادثات الطبيعية، غير أن بناء مثل قواعد البيانات هذه يعد عملية في غاية الصعوبة.

لحل التحدي المتعلق بصعوبة بناء قواعد بيانات تدريب خوارزميات الشات بوت، قام الدكتور بوهسيانج تسينج (Bo-Hsiang Tseng) وهو عالم بيانات بجامعة كامبريدج (University of Cambridge)، مع عدد من الباحثين في عام 2021 بدراسة إمكانية استخدام خوارزمية ذكاء الاصطناعي لتدريب خوارزمية أخرى.

صمم الدكتور بوهسيانج مع فريقه خوارزميتين للشات بوت، تم تطوير كل منها على حدة، وكل منهما تم تدريبه على قواعد بيانات محدودة، ومن ثم سمح للخوارزميتين بالدردشة مع بعضهما البعض، صممت الخوارزمية الأولى لتكون أكثر موضوعية، حيث روعي في بياناتها أن تكون دقيقة في مجالات محددة، أما الخوارزمية الثانية فتم تزويدها بنظام يتيح لها التعلم من مسار المحادثات، وبالتالي فإن المحصلة كانت، خوارزمية محادثاتها أكثر تركيزا، وأخرى تزيد دقتها، بتعلمها من الخوارزمية الأولى بالإضافة إلى ما تم تدريبها عليها مسبقاً.

النظام الذي قام عليه الفريق البحثي، وبعد أن سمح فيه بتعلم خوارزمية من أخرى، تم اختباره بحسب معايير دولية متبعة في مجال الشات بوت، وتمت تجربته بعد عمليات التدريب تلك على مستخدمين حقيقيين، لتكون نتائج تلك الاختبارات كلها مبشرة.