ما هو الشغف؟ كيف تعيشه؟ وكيف تعثر عليه؟

ما علاقة الشغف بحب الوطن؟

وهل شغفك وقود لدفع عجلة الإنجاز لديك؟

متى يكون شغفك حقيقي معبر عن حبك لوطن؟

كثير ما يتردد على أسامعنا في الآونة الأخيرة.. الشغف الطموح، الهمة العالية، كلمات تبث العزيمة وقوة الإرادة والإصرار في النفس البشرية.

وأبرزها كلمات صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله

«أنا واحد من 20 مليون نسمة، أنا لا شيء بدونهم، لديهم شغف وطموح كبير جدًّا على مستواهم الشخصي، وعلى مستواهم الوطني لديهم الحرص والدقة والاحترافية والذكاء العالي جدًّا لتحقيق المستحيل».

«الشغف شعور قويّ للغاية بالكاد تستطيع السيطرة عليه. هو طاقة، وشعور بالقوة نابع من التركيز على ما يثير حماسك».

فالشغف هو الحب الشديد للشيء.. وتكون لديك مهارة معينة، مُحب لها، ودائمًا ما تشعر بالسعادة والرضا عن نفسك عندما تحقق فيها أو من خلالها إنجاز حتى ولو كان بسيط..

من السهل بناء شخصية الإنسان الشغوف بالتركيز على مبادئ وقيم تشعر الفرد بأهمية وجوده في الحياة عند ممارستها وتطبيقها، تحديد نقاط القوة في شخصيته والتي تترجم على شكل مهارات يتقنها بشكل جيد، الوقوف على الاهتمامات والميول التي تحقق له السعادة والرضا.

فإذا التقيت بشخص شغوف ستلاحظ وتشعر على الفور بكميّة هائلة من الطاقة تنبعث منه. وكلّما زاد شغفك اتجاه نفسك، عملك، حياتك أو أي شيء تقوم به، زادت كميّة الطاقة الإيجابية المنبعثة منك. والسعادة الحقيقية تأتي حينما تتبع شغفك.

قد تتساءل: ما نفع الشغف وما أثره على حياتي ووطني؟

للشغف عظيم الأثر على كلّ جانب من جوانب حياتك، فهو يشكّل وجودك، ويوقد إلهامك ويفتح أمامك فرصًا عظيمة. إنّه ببساطة الحماس والإثارة للحياة.

ويجعلك قادر على العطاء المستديم، وتجديد الأفكار، وتحسين الخطط وتجويدها، وديمومة في مواجهة التحديات والأزمات بشكل متزن.

عندما وجه سؤال لولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله في إحدى اللقاءات التليفزيونية «عن كيفية اختيار فريق عمله؟»

كانت إجابة ولي العهد حفظه الله، أنه يختار فريق عمله على أساس معيار الكفاءة والقدرة إلى آخره من المعايير الأساسية، وأكد أن أهم شيء هو أن يكون لدى المسؤول لما يتعين في منصب معين تكون مهامه، هي قضيته الشخصية وشغفه، وضرب مثلًا لذلك بالأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل، الذي تهمه الرياضة، وجدير في الوقت نفسه بهذا المنصب، فالشغف أكبر دافع للمسؤول، لأن يتحرك لأكبر قدر ممكن.

عندما نقف وقفة متأمل في كلمات سيدي ولي العهد حفظه الله وحديثه عن الشغف.. ونتأمل رؤية 2030 وما تحتاجه من بذل وجهد ووقت وعطاء وتطوير وتغيير وتجديد أفكار، ومن جهة أخرى نتأمل الحياة السريعة التي نعيشها الآن تفرض علينا أن نتحرك بنفس الاتجاه في العمل الذي نؤديه لمواكبة العصر الذي نعيشه، إذا لم يكن الشغف موجود من الصعب تحقيق أهداف وتطلعات كبيرة التي تسعى الدولة لتحقيقها في فترة زمنية محددة، إذ لم يكن شغفك جامحًا لن تستمر في مواجهة التحديات.

وعلى العكس عندما يتوافق شغفك مع وظيفتك أو دراستك أو تخصصك، لن تشعر بأنها صعبة على الإطلاق، ولن تمانع أن تمضي عددًا من الساعات يفوق ما يمضيه الشخص الطبيعي، لأنك لن تشعر بمرور الوقت. وسيظهر شغفك للعيان وتشعر بالسعادة وتكتشف قدراتك ومواهبك ومهاراتك أكثر، وتزداد ثقتك بنفسك، ومبادر تبحث عن كل ما هو جديد منفتح على آراء وثقافات مختلفة ودائرتك الاجتماعية في اتساع وازدياد وتصبح أكثر جرأة وشجاعة للمغامرة والمخاطرة لتحقيق أهدافك التي هي جزء من أهداف وطنك.

والشغف الحقيقي المعبر عن حب الوطن.. عندما يكون شغفك يقدم المصلحة العامة على مصلحتك الخاصة، وتمد يدك وتسهم بشكل مباشر أو غير مباشر بكل ما يزهر وطنك ويرتقي به، فالبعض تكون نظرته قاصرة وقصيرة يقتصرون على النظر للمصلحة الآنية «الخاصة» فتجده معارضًا منتقدًا لأي قرار، يصدر حكمًا دون دراسة أو مبرر فيكون مع القطيع.

أما أصحاب الشغف الحقيقي ينظرون للمصلحة الكلية للمجتمع التي تنعكس على مصلحة الوطن.

ولتوظيف شغفك بما يخدم وطنك لا يكتفى الحب الشديد بما تقوم به لابد أن يكون مقرونًا بالتركيز على ما هو مطلوب منك في وظيفتك دراستك وتخصصك و اهتماماتك، تحمل المسؤولية، القدرة على التخطيط وإدارة الوقت، وإيجاد الأفكار الإبداعية والتفكير خارج الصندوق والابتعاد عن الأفكار الاعتيادية وتبني الأفكار المميزة، ويكون ذلك من خلال القراءة والبحث المستمر، احط نفسك بالشغوفين الذين يحفزون ويشجعونك على الانطلاق والإقدام.

عندما تتبع شغفك تستشعر أن وظيفتك ليست مجرد وظيفة وإنما رسالة تستمتع في أدائها، ودراستك ليست مجرد دراسة وإنما إثارة تتلذذ بها، فتجد نفسك متشوقًا للمستقبل الذي ينتظرك ويتابعك، شغفك يجعلك تسير في مسارات جودة الحياة.

الشغف وحب الوطن يشتركان في أنهما مشاعر فياضة تجاه أمر معين، فالعلاقة بينهم علاقة طردية كلما زاد حبك لوطنك زاد شغفك.

فأنت الآن من تقود سفينتك وتوجهها بشغفك إلى بر النجاح والتألق، وهذا يتوافق مع مقولة سمو سيّدي ولي العهد «أن الشغف هو المرتكز الأساس لنجاح كل مسؤول عبر المساهمة الفاعلة والحيوية في تحقيق مستهدفات رؤية 2030.. وهذا بُعد كبير وحيوي ومهم جدًا.. فلا نجاح بلا طموح، ولا طموح يتحقق بلا شغف».

رؤية وطني تتحقق يومًا بعد يوم معتمدًا على تطلعات قيادته، وطموح وشغف شعبه.