قال عبدالملك بن مروان لبنيه: يا بني لو عداكم ما أنتم فيه ما كنتم تعولون عليه؟ فقال الوليد: أما أنا ففارس حرب، وقال سليمان: أما أنا فكاتب سلطان، وقال ليزيد: فأنت؟ فقال: يا أمير المؤمنين ما تركا غاية لمختار،

فقال عبد الملك: فأين أنتم من التجارة التي هي أصلكم ونسبتكم؟ فقالوا: تلك صناعة لا يفارقها ذل الرغبة والرهبة، ولا ينجو من صاحبها من الدخول في عامة الناس والرعية، قال: فعليكم إذن بطلب الأدب، فإن كنتم ملوكًا سدتم، وإن كنتم أوساطًا رأستم، وإن أعوزتكم المعيشة عشتم.

ووصف أعرابي الأدب فقال: الأدب أدبُ الدّين، وهو داعية إلى التوفيق، وسبب إلى السعادة، وزاد من التقوى وهو أن تَعْلَم شرائع الإسلام، وأداء الفرائض، وأن تأخذ لنفسك بحظّها من النافلة، وتزيد ذلك بصحّة النية وإخلاص النفس، وحب الخير منافسًا فيه، مبغضًا للشر نازعًا عنه، ويكون طلبك للخير رغبةً في ثوابه، ومجانبتك للشر رهبةً من عقابه، فتفوز بالثواب وتسلم من العقاب، ذلك إذا اعتزلت الذنوب وآثرت الحسنات.

رسالتي إن أعظم أمانة يستودعها الوالدان في أبنائهم هي حسن تربيتهم وزرع القيم الأخلاقية، ومخافة الله فيهم، وتعليمهم حب القرآن الكريم والسيرة النبوية الشريفة التي تعد حصنا حصينًا لهم، فيفوزون ببرّهم ويفرحون بصلاح أمرهم، ويكونون أدوا رسالتهم وواجبهم أمام الله، وأسأل الله أن يهدي شبابنا وبناتنا وجميع أبناء أمتنا العربية والإسلامية، ويصلح بالهم وينفع الله بهم.

وقيل:

خَيْرُ مَا وَرَّثَ الرِّجَالُ بَنِيهِمُ.. أَدَبٌ صَالِحٌ وَحُسْنُ الثَّنَاءِ

هُوَ خَيْرٌ مِنَ الدَّنَانِيرِ وَالْأَوْرَاقِ.. فِي يَوْمِ شِدَّةٍ أَوْ رَخَاءِ

تِلْكَ تَفْنَى وَالدِّينُ وَالْأَدَبُ الصَّالِحُ.. لَا يَفْنَيَانِ حَتَّى اللِّقَاءِ

إِذَا تَأَدَّبْتَ يَا بُنَيَّ صَغِيرًا.. كُنْتَ يَوْمًا تُعَدُّ فِي الْكُبَرَاءِ

وَإِذَا مَا أَضَعْتَ نَفْسَكَ أُلْفِيتَ.. كَبِيرًا فِي زُمْرَةِ الْغَوْغَاءِ