يبتكر علماء الذكاء الاصطناعي حول العالم، خوارزميات يمكنها القيام بعدد من المهام الذكية، وقد تم بالفعل استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي في مجالات واسعة، ولذا يطمح العلماء إلى زيادة دقة تلك الأنظمة ورفع كفاءتها، مما يعني الحاجة إلى تحليل أدق تفاصيل عملها، لبحث سبل تطويرها.

الخوارزميات التي تتعامل مع النصوص استطاعت تقديم عدد من الخدمات للمستخدمين، كتحليل المشاعر، وتصنيف الأخبار، وتلخيص التقارير، وعدد من الخدمات الأخرى، ولذا تبرز أهمية هذا النوع من تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهذه الأهمية عنت بأن يحاول العلماء فهما أعمق لكيفية تعامل الخوارزميات مع النصوص بشكل خاص.

حين تحلل خوارزميات الذكاء الاصطناعي كتابة ما، فإنه يمكنها إدراك التراكيب اللغوية في النص، وبالتالي تقدم الخوارزمية خدماتها على هذا الأساس، غير أن كل لغة من اللغات الإنسانية، لديها تراكيب لغوية متغايرة، بعضها يسهل فهمه وبعضها الآخر فيه شيء من التعقيد، وعلى الرغم من أن البشر يدركون تفاصيل تلك التراكيب اللغوية، إلا أنه ما زال من المحير كيف تتعامل خوارزميات الذكاء الاصطناعي مع اللغات البشرية.


لفهم كيفية تعامل خوارزميات الذكاء الاصطناعي مع اللغة، فإنه يلزم معرفة تأثير كل ميزة من مميزات اللغة على الخوارزميات، بمعنى أنه وعلى الرغم من الترابط بين التراكيب اللغوية، وتأثير هذا الترابط على فهم الذكاء الاصطناعي للغة، وإلا فإن كل خاصية في اللغة لها تأثير مستقل أيضا، وبالتالي فإن التقدم في مجال فهم كيفية تعامل الكمبيوتر مع اللغة، مرهون بفهم أكثر للغات الإنسانية ذاتها.

ومن هذا المنطلق صممت الباحثة جينيفر وايت (Jennifer White) من جامعة كامبردج (University of Cambridge)، وبالتعاون مع باحث من معهد التكنولوجيا بزيوريخ (ETH Zurich) في العام 2021 لغة اصطناعية، هذه اللغة يمكن التحكم في تراكيبها اللغوية، ومن ثم دربوا خوارزمية ذكاء اصطناعي للتعرف على تلك اللغة، وفهم خواصها الافتراضية.

اللغة الاصطناعية تلك، يمكن تعديلها وتحويرها حسب حاجة الباحثين، بحيث يستطيعون تحييد بعض الخواص اللغوية بها، لدراسة مدى تأثيرها في خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وبالتالي يستطيع الباحثون تحليل كيفية تعامل الخوارزميات مع مختلف مميزات اللغة.

فعلى سبيل المثال، أصبح من المقدور تحييد صيغة أحد الأفعال بجملة ما، لمعرفة كيف تفسر الخوارزميات تلك التعابير، ليس ذلك فحسب، بل يمكن باستخدام اللغة الاصطناعية أن تطبق الخواص المشابهة لتلك من اللغات الطبيعية الحقيقية كالإنجليزية واليابانية، وبذلك يمكن معرفة كيف تتعامل الخوارزميات مع الاختلافات بين اللغات الإنسانية.

اللغة التي قدمها الفريق البحثي، تعني أن الباحثين الآن سيتمكنون من هندسة اللغة، لمعرفة كيف أثرت لغات الإنسان في الآلة، وكيف تتعامل الآلة مع لغة الإنسان، وهذا يعني فتح باب كبير لدراسة فهم الكمبيوتر للغة البشر.