رغم كل الظروف المحيطة بعالمهم لكنهم يسيرون بينها بكل صلابة. (أصحاب الهمم) مصطلح إنساني بكل ما تحتويه الكلمة من مفهوم ومعان، لأفراد يعيشون معنا في المجتمع. يعانون من مشاكل في بعض الوظائف الذهنية والعضوية بأجسامهم، ونتيجة هذا التعطيل في وظائف العقل والجسم، يصطدمون بالصعوبات والمعوقات التي تمنعهم من المشاركة بالحياة الواقعية والطبيعية داخل المجتمع بكفاءة وفاعلية.

ويرتبط اسمهم بالصلابة والقوة في عبور صعوبات الحياة ولا يستسلمون لليأس، بل يحولونه إلى أمل. إن معرفة من هم وما هي ظروفهم المحيطة بهم، من شأنها أن تخبرنا كيف تكون صناعة المعجزات. إذ أنهم يتمتعون بحقوقهم في المجتمع بشكل إنساني لكنهم يحتاجون إلى أكثر من ذلك.

في اليوم الثالث من ديسمبر كل عام، اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة. وفي هذا العام بالتحديد يركز على موضوع مهم وحيوي. وهو (الابتكار وحلول التنمية الشاملة) في قضايا عالمهم، ويغطي ثلاثة مرتكزات رئيسة تفاعلية، وهي (الابتكار التنموي الشامل لإدماجهم في سوق العمل بشكل أكبر، الابتكار التنموي الشامل لتمكنيهم في المجتمع بشكل أكبر وزيادة نسب التخصيص المئوية لهم داخل المجتمع المدني في شتى المجالات ومختلف القطاعات، وأخيرًا الابتكار التنموي الشامل لإدماجهم في قطاع الرياضة كنموذج من أرض الواقع).

بكل صدق وموضوعية واعترافًا بما مر به العالم من لحظات حرجة في التاريخ، لا سيما في الأزمات المعقدة والمترابطة التي واجهت البشرية، بما في ذلك الصدمات والتداعيات الناجمة عن جائحة كوفيد-19، والحرب في أوكرانيا والصراعات الأخرى، والتغير المناخي، كلها شكلت تحديات إنسانية ذات طبيعة غير مسبوقة، فضلًا عن حالة الاقتصاد العالمي اليوم. وفي مثل هذه المعطيات يكون عالم وبيئة أصحاب الهمم المحيطة بهم ذات خصائص غير اعتيادية، مما يفرض التزامًا غير مسبوق ومضاعف، وذلك تماشيًا مع خطط التنمية المستدامة، وعدم ترك أحد من الأفراد مستبعدًا ومتخلفًا عن الركب التنموي الشامل، «No One Left Behind»، ما يستدعي أهمية تعاون القطاعين العام والخاص لإيجاد حلول تنموية شاملة مبتكرة لأصحاب الهمم، لجعل عالمهم مكانًا أكثر سهولة وإنصافا.

بات علينا كأفراد بالمجتمع المدني المعاصر، تلمس مثل هذا النوع من الاحتياجات ودراسة الروابط والعلاقات، بين تمكين أصحاب الهمم في سوق العمل، ودراسة ما يمتلكونه من معارف ومهارات للحصول على وظيفة المستقبل، بل وإدماجهم في مشهد تكنولوجي مبتكر وسريع التغير، مع الأخذ في الاعتبار معطيات ما كان، مم ما مر به العالم من لحظات حرجة في التاريخ.

كيف يمكن للتكنولوجيا والتقنيات المساعدة في ذلك، وزيادة سقف إمكانية التوصل لحلول تنموية ابتكارية شاملة لأصحاب الهمم وتعميمها في القطاعين العام والخاص، علمًا بأن ليست كل الإعاقات ظاهرة؟.

لا يحدث ذلك بمجرد إيجاد تطبيقات حديثة، تسهل عليهم الوصول لأماكن الرعاية الصحية الأولية وخدماتها التي يحتاجون إليها فحسب، بل أكثر من ذلك بكثير.

وليست مجرد بطاقة ذكية موحدة وشاملة والتي تعطيهم الحق في تمكينهم بالمجتمع المدني المعاصر، سواء كانت خدمات أو تخفيضات لأجور معينة في مواصلات عامة أو حتى تسهيلات مرورية وضمان اجتماعي وصحي متكامل، بل أكثر من ذلك.

وليست أماكن للتأهيل والتدريب بتكلفة يكاد لا يطيقها الكثير منهم وترهق الميزانيات. ولكنها مسؤولية اجتماعية مشتركة، يعيها الفرد ويلتمسها بكل إنسانية قبل كل شيء.

لقد أصبح من الضروري مناقشة الابتكارات والأدوات العملية والممارسات الجيدة، للحد مما يواجهه أصحاب الهمم أو قد يواجهونه مستقبلًا في كل من القطاعين العام والخاص.