بالرغم من الآمال الكبيرة التي عُلّقت على لاعبي المنتخب السعودي الأول لكرة القدم، وجهازيه الفني والإداري، قبل بدء منافسات كأس العالم 2022 في قطر، والتي ارتفع سقفها بشكل حاد وكبير عقب المباراة الافتتاحية للمنتخب في النهائيات التي تستضيفها قطر حاليًا، حيث تخطى فيها المنتخب الأرجنتيني أحد أبرز المرشحين للظفر باللقب، والتي تمثلت بإمكانية تجاوز منجز المشاركة الأولى للصقور في كأس العالم في نسخة 1994، وبلوغ الدور ثمن النهائي، ومن ثم دور الثمانية، فإن تلك الآمال والأحلام تبددت وانتهى الحلم مبكرًا بمغادرة مبكرة للمونديال، وصار لا بد من الانتظار 4 سنوات مقبلة من أجل العمل على تحقيق الحلم.

ومع ذلك الخروج، تساءل الوسط الرياضي السعودي عن الأسباب الغائبة عن المشهد، والتي حطمت الأحلام الجماهيرية التي كان بالإمكان تحقيقها، لو أحسن الجهازان الفني والإداري التعامل مع النتيجة التاريخية أمام التانجو بشكل إيجابي.

عدم التهيئة

من الأسباب التي أدت إلى خروج الصقور مبكرًا من المونديال، المبالغة في الاحتفال بالانتصار على ميسي ورفاقه، وعدم قدرة الجهاز الإداري على إخراج اللاعبين من تبعات تلك الاحتفالات.

كما لم يتعامل الجهاز الفني مع مواجهة بولندا بالشكل الجيد كما فعل خلال مباراة الأرجنتين، فكانت الصدمة بخسارة الصقور، رغم الأداء الجيد الذي صاحب تلك المواجهة.

إصرار غريب

أثار الإصرار على تنفيذ سالم الدوسري ركلة الجزاء التي احتسبت للأخضر أمام بولندا، رغم أن اللاعب لم يكن حريصًا على تنفيذها، وتقدم فراس البريكان لتنفيذها استغراب المحللين، فالدوسري لم يكن متحمسًا أو جاهزًا لتسديد تلك الضربة، على عكس زميله البريكان الذي كان راغبًا بشكل كبير في التنفيذ، وأكثر إضافة إلى أنه أكثر هدوءًا من الدوسري الذي عانى من الخشونة خلال اللقاء، كما أنه كان يعاني من إصابة في الكاحل، وشارك وهو متأثر بتلك الإصابة، إلا أن إصرار الجهازين الفني والإداري على تنفيذه للركلة كان محل استغراب، وكان يجب أن ينفذ الركلة لاعب يتمتع ببرود الأعصاب والهدوء والجهوزية وكل ذلك كان متوفرًا في البريكان.

وبعيدًا عن ذلك فإن إهدار الفرص والأخطاء الفردية والتغييرات غير الموفقة من قبل رينارد قادت الصقور إلى الخسارة.

مبالغة كبرى

أما ما حدث خلال موقعة المكسيك فحدث ولا حرج عن الأخطاء التي وقع فيها الجهاز الفني بشكل كبير، إضافة إلى عدم قدرة الجهاز الإداري على إخراج اللاعبين من تبعات الخسارة أمام بولندا، وعدم الاستعجال في حسم الأمور واللعب على جزئيات بسيطة، إلا أن رينارد بالغ في المغامرة، بتغيير مراكز اللاعبين داخل الملعب أكثر من مرة، فضلًا عن الاعتماد على لاعبين لم يشاركوا من قبل، سواء في بداية المباراة أو في التبديلات.

هذه المبالغة أثرت على انسجام المجموعة، ولم تكن بالجودة الكافية لخلق توليفة جديدة تعوض النقص العددي في صفوف الأخضر بعد الإصابات التي دهمت الصقور، وإيقاف عبدالإله المالكي، وتبعها إصابة علي البليهي.

وبالتالي لم يظهر المنتخب السعودي الشراسة الهجومية الكافية، وتحول وسط الملعب إلى ثغرة واضحة استغلها عناصر المنتخب المكسيكي، وكانت 5 دقائق مكسيكة كافية لتحبط مغامرة هيرفي رينارد، بعد أن أحرزت المكسيك هدفين متتاليين في 5 دقائق مع بداية الشوط الثاني.

تأثير سلبي

أثّر دخول عناصر جديدة على تشكيلة المنتخب السعودي على انسجام المجموعة، لذلك لم يكن هناك استحواذ أو بناء من الخلف، كما فعل الأخضر أمام الأرجنتين وبولندا.

واعتمد رينارد إستراتيجية دفاعية، بهدف استنزاف لاعبي المكسيك بدنيًا في الشوط الأول، وتضييق مساحة الملعب، بدفع خط الدفاع للأمام، وهو الأسلوب الذي يميل إليه دائمًا، مع رجوع المهاجمين للخلف في حالة بناء الفريق المكسيكي الهجوم من الخلف.

غياب الاستخواذ

عانى المنتخب السعودي من عدم قدرة لاعبي الوسط على البناء الهجومي، أو تمويل المهاجمين بالكرات، لذلك اختفى سالم الدوسري والبريكان معظم الفترات، وأيضا لم يستطع وسط الأخضر السعودي مجاراة سرعة المكسيك، الذين فرضوا سيطرة على مجريات اللعب.

كم هائل

من الأمور التي لاحظها المتابعون للأخضر في المونديال أن 23 لاعبًا من أصل 26 لاعبًا ضمتهم القائمة، شاركوا في مباريات الأخضر الثلاث، وهو مؤشر غير جيد، أثار تساؤلًا عريضًا هل مشاركة الكم الهائل من اللاعبين جاء بقناعة تامة من قبل المدرب أم أن هناك تدخلات في عمله أوصت بأن يشارك غالبية اللاعبين المنضمين للقائمة في المونديال، حتى وإن كان على حساب التجانس والاستقرار، وتسجيل الإنجاز، فهناك لاعبين شاركوا ولم تكن جهوزيتهم الفنية ولا البدنية، ولا حتى الطبية نظير الإصابات مكتملة، ولم يستثن من القائمة المتواجدة في قطر من المشاركة حتى ولو لبضع دقائق سوى حارسي المرمى البديلين محمد الربيعي ونواف العقيدي، ولاعب وسط الميدان عبدالله عطيف، فيما شارك بقية القائمة.

قناعة أم ماذا؟

فرض إشراك نواف العابد كبديل أول خلال مواجهتي الأرجنتين وبولندا ثم إخراجه مرة أخرى بعد نزوله ومشاركته لعدة دقائق تساؤلًا آخر، هل رينارد مقتنع بتواجد اللاعب وإشراكه، لا سيما أنه استبعده من القائمة النهائية التي أعلنها قبل المغادرة للدوحة قبل أن يستدعيه مرة أخرى، عقب استبعاد فهد المولد، وإذا كان مقتنعًا باللاعب وما يؤديه فلماذا استبعد أولًا، ولماذا يتم إشراكه كبديل لدقائق ثم يتم استبداله؟.

لجنة تحقيق

طالب عدد كبير من النقاد والمحللين والمهتمين بالشأن الرياضي السعودي، واللاعبين القدامى بتشكيل لجنة فنية، للتحقيق في التخبطات التي صاحبت مشاركة المنتخب السعودي في مونديال 2022، وتحديدًا مباراتي بولندا والمكسيك، لا سيما اللقاء الأخير، وهل تلك التخبطات كانت لعدم قدرة المدرب في قيادة فريق من البدلاء، وعدم قدرته على تعويض لاعبيه المصابين أو الموقوفين، وعدم قدرته على قراءة المنافسين، ووضع الخطة المناسبة لكل منافس على حدة، أم أن هناك من كان يملي عليه الأسماء، ويوزع الحصص بين الأندية من حيث مشاركة اللاعبين.

فشل رينارد

فشل مدرب الأخضر، الفرنسي هيرفي رينارد، في تكرار إنجاز مدرب الصقور في مونديال 1994، الأرجنتيني خورخي سولاري، الذي نجح حينها في تحقيق انتصارين بدور المجموعات على بلجيكا والمغرب ومن ثم قاد الأخضر لدور الـ16 للمرة الأولى والوحيدة في تاريخه.

وسجل رينارد فوزًا وحيدًا مع السعودية على منتخب الأرجنتين 2/ 1 في بداية المشوار، ليبقى متعادلًا مع الأرجنتيني أنطونيو بيتزي، مدرب الأخضر في مونديال روسيا 2018، حين حقق فوزًا وحيدًا على مصر بذات النتيجة، وخسر أمام روسيا وأوروجواي، وكرر هيرفي سيناريو مونديال 2018 مع المنتخب المغربي، حين غادر دور المجموعات متذيلا مجموعته برصيد نقطة واحدة، مع أفضليته رفقة الأخضر بتحقيق فوز وحيد لكنه غادر أيضًا في مؤخرة مجموعته.

وقاد الفرنسي المنتخب السعودي في 39 مواجهة خلال 3 سنوات نجح فيها من تحقيق الفوز في 20 مباراة، كثاني أفضل مدرب تحقيقًا للانتصارات، وتعادل في 10 مواجهات وخسر 9 مباريات.

تكرار خامس

تعد مغادرة المنتخب السعودي من دور المجموعات لكأس العالم هي الخامسة في تاريخ مشاركاته الست بالمونديال.

وتذيل الأخضر مجموعته للمرة الرابعة في تاريخ مشاركاته من أصل 6 مشاركات رغم امتلاكه لثلاث نقاط من فوز مقابل خسارتين، في حين أنهى مونديال 2018 بالمركز الثالث في مجموعته بثلاث نقاط من فوز على مصر وخسارة أمام روسيا والأوروجواي.

وأنهى الأخضر مشاركته في مونديال فرنسا 1998 متذيلا للمجموعة برصيد نقطة وحيدة من تعادل مع جنوب إفريقيا وخسارتين أمام الدنمارك وفرنسا.

وفي مونديال كوريا واليابان 2002 سجل أسوأ مشاركة له على الإطلاق بعد ثلاثة خسائر ضد ألمانيا والكاميرون وإيرلندا ليتذيل مجموعته بدون نقاط.

ورغم تعادل الأخضر مع تونس بمونديال 2006 لكنه خسر أمام أوكرانيا وإسبانيا، ليغادر البطولة في المركز الأخير في مجموعته بنقطة واحدة.

تحسن نسبي

على مستوى الأهداف فقد تلقى الأخضر ثاني أقل عدد أهداف في تاريخ مشاركاته، حيث اهتزت شباكه 5 مرات مقابل 3 مرات في مونديال أمريكا.

وخرج الصقور من مونديال 1998، 2006، 2018 وفي شباكهم 7 أهداف، في حين ولج مرماه في مونديال 2002 قدرا كبيرًا من الأهداف وصلت إلى 12 هدفًا.

وتحسن السجل التهديفي للمنتخب نسبيا في هذا المشاركة بتسجيله 3 أهداف في دور المجموعات خلف مشاركة مونديال 94 التي سجل فيها 4 أهداف، ومتقدمًا على مشاركته في مونديال 1998، 2006، 2018 التي سجل فيها هدفين فقط بدور المجموعات.

ويعد مونديال 2002 الأسوأ على الإطلاق بخروجه دون تسجيل أي هدف.

19 مواجهة

خاض الأخضر خلال مشاركاتها الست في كأس العالم 19 مباراة حقق الفوز في 4 مباريات وتعادل في مواجهتين وخسر في 13 مباراة، وسجل خلالها 14 هدفًا، فيما اهتزت شباكه 44 مرة ولم يحافظ على نظافة شباكه سوى في مباراة وحيدة.

- تغييرات رينارد أثارت الاستغراب

- مغامرة غريبة خاض بها الأخضر موقعة المكسيك

- الإصرار على تنفيذ الدوسري لضربة الجزاء وضع التكهنات

- إنجاز 1994 يظل الأبرز والصامد منذ 26 عامًا

- 23 لاعبًا شاركوا من أصل 26 لاعبًا في المونديال

- الكم الهائل للتبديلات وضع أكثر من علامة استفهام

- تحسن تهديفي طفيف في مشاركة 2022

- 19 مواجهة سعودية خلال 6 مشاركات بالمحفل العالمي.

- 4 انتصارات وتعادلان و13 خسارة وشباك عانت بـ44 هدفًا.

- رينارد فشل في تكرار إنجاز الأرجنتيني سولاري.

- للمرة الخامسة الأخضر يخرج من دور المجموعات.