تحت شعار «حقوق المثليين» تنشط منظمات ومنصات فنية وثقافية، بل وسياسيون حول العالم، وبشكل غريب ومبالغ فيه، فهل انتهت الحروب والمجاعات والأزمات الصحية والبيئية والاقتصادية حتى لم يبق لدى هؤلاء سوى الميول الجنسية لدى فئة لا تشكل الأغلبية في أي دولة!

المثلية واضطرابات الهوية الجنسية موجودة ولست هنا بصدد الحديث عن أسبابها أو تشخيصها أو كيفية التعامل معها، لكنني أطرح سؤالا واحدا «ما هي يا ترى حقوق المثليين التي يطالب بها ساسة في الغرب بهذه الاستماتة، ويسعون لتكريسها ثقافيا في كل مناسبة؟» بل لو حاولنا مناقشة بعض الإشكالات التي تثار حول حقوق «المثليين» لما وجدنا لها معيارا عالميا موحدا، يجعلها ذات قيمة متفق عليها إنسانيا.

الزواج مثلا! أليس عقد الزواج في أصله هو عقد ديني يشرع علاقة رجل بامرأة كانت قبل العقد محرمة، كما يهدف لتنظيم حقوق الزوجين والأبناء، وترتيب النسب والبنوة وفقا لما تقتضيه المنظومة الدينية؟

فإذا كانت الأديان لا تعترف أصلا بشرعية العلاقة الجنسية بين شخصين من الجنس نفسه، فكيف ينتظر منها أن تبارك زواجهما!

حسنا... لنذهب إلى مطلب آخر سمعنا به، مؤخرا، وهو السماح للمثليين بالسلوكيات الحميمة في العلن! والسؤال، هل يسمح للمغايرين بذلك حتى يصنف حرمان المثليين منها اضطهادا يستحق النضال؟

الواقع أن قوانين غالبية الدول تمنع أي سلوكيات من هذا النوع تمارس حتى بين المتزوجين، وتصنفها أفعالا خادشة للحياء في الأماكن العامة، حرصا على الذوق العام وحماية للأطفال.

ثم سمعنا بإشكالية المظهر، وهي مثل بقية الإشكاليات، مفتعلة وسطحية، فالأنظمة الخاصة بالملابس والمظهر ليست خاصة بالمثليين، ألم يمنع مثلا الحجاب والشعارات الدينية في عدد من الدول العلمانية؟ وفي المقابل تفرض القوانين في عدد من الدول الاحتشام اللائق في أماكن العمل والمواصلات والأنشطة العامة؟ لماذا يصر المثليون إذن على أن أزياءهم «الإيحائية» يجب أن تكون فوق القانون؟

من جهة أخرى لم نسمع عن شركة أو جامعة- مثلا- تطلب من المتقدم لها الإفصاح عن ميوله الجنسية كشرط لقبوله أو أن شخصا سرح من عمله أو حرمانه من التعليم بسبب اكتشاف مثليته!

لم نسمع مثلا أن جهة صحية استفسرت عن هذا الأمر قبل تقديم الخدمة الصحية! أو أن طبيبا رفض تقديم العلاج لمريض اكتشف مثليته.

لم نسمع عن شركات نقل أو سياحة أو فنادق أو مطاعم، تخصص للمثليين مقاعد خلفية أو تمنعهم من الجلوس أو تناول الطعام أو استخدام وسائل النقل.

ماذا يريد المثليون إذن؟ ولماذا يقمون أنفسهم كمضطهدين ومظلومين؟ لماذا يقحمون العالم في هذه القصة؟ أليست العلاقات الجنسية أيا كان نوعها وشكلها مسألة شخصية تحدث خلف الأبواب المغلقة؟

لا أجد تفسيرا منطقيا لهذه الموجة التي تكاد تعصف بالعالم بهذه الشعارات الخادشة، سوى أنها لعبة سياسية تهدف لخلق تيارات معبأة، تخترق المجتمعات ثم يوظفها السياسي لخدمة مشروعه أو حزبه.

فكرة ذكية جدا.. تصور أن تتبعك مجموعات تتمدد في كل العالم عزلت وجردت من روابطها وهوياتها وقضاياها وأصبح المحرك الوحيد لها، غرائزها! والولاء الوحيد لديها هو من يغذي شعورها بالأمن والاستحقاق.

ختاما أقول للمثليين في العالم العربي تحديدا، أيا تكن المشكلات التي تواجهونها بشكل خاص في مجتمعاتكم، فإن هذه الحملات العامة لم تصمم لخدمتكم، فلا تنساقوا خلف الموجة، ولا تكونوا جزءا من المشهد الذي يصنعه السياسيون في الغرب لتمرير أجنداتهم وخدمة مصالحهم فقط لا غير.