تشهد بلادنا ــ حرسها الله تعالى من كل سوء ومكروه ــ حراكًا تنمويًا متسارعًا على مختلف الأصعدة الفكرية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية؛ مما يؤكد ضرورة وأهمية التنسيق الرأسي والأفقي بين مختلف القطاعات الحكومية والخاصة وغير الربحية.

يدعو للغرابة والعجب ما يشاهده المواطن والمواطنة من غياب المركز الوطني للمناهج عن المشهد التنموي وتركيزه على تعميقه للمعرفة المجردة عن الخبرة والمهارة من جانب، وغياب التنسيق مع القطاعات المعنية بصناعة الإنسان وتنمية المكان كالهيئات الملكية والحكومية والمشاريع والبرامج المعززة والمسرعة لعجلة التنمية. وكما قيل: بالمثال يتضح المقال، تبنّي المملكة لمبادرات العناية بالبيئة بمكوناتها محليًا وإقليميًا وعالميًا، ومن ذلك مبادرة السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، والتغير المناخي، ومع ذلك تغيب في مقرراتنا التعليمية، والتي يمكن معالجتها في مقررات الدراسات الإسلامية من خلال توظيف الأدلة والنصوص والأنشطة في هذا المجال؛ لكي يمارسها واقعًا عمليًا في حياته اليومية متطوعًا في إحدى الجمعيات البيئية على سبيل المثال.

ولمعالجة ذلك يمكن إعداد إستراتيجية وطنية للمقررات التعليمية تشارك فيها مختلف الجهات الحكومية والخاصة وغير الربحية تتضمن المنطلقات الرئيسة لصناعة الإنسان وتنمية المكان وتعظيم الاقتصاد والتحرر من ربقة المعرفة المجردة التي سرعان ما تذهب أدراج الرياح.

ومنها التعامل مع المقررات التعليمية بعقلية المشاريع المحكومة بالجدوى والفائدة، وقياس الأثر واستدامته؛ لما لها من آثار بالغة الأهمية في الوقوف على الفجوات ومواطن الخلل.

ومنها اللقاءات الدورية مع أصحاب المصلحة من الهيئات التعليمية والأكاديمية لسماع ما لديهم تعزيزا لولائهم وانتمائهم للتعليم، فخبراء الميدان وفرسانه هم أصدق من يشخص الواقع التعليمي ويقومه.

وأخيرًا لنتذكر أن المساهمة الفردية في العملية التنموية مرهونة بامتلاك المهارات العقلية النشطة، والمهارات التواصلية مع الأفراد والجهات، والبيئات المعززة للتفاعل والإنتاجية داخل المنشأة التعليمية وخارجها.