تصرف غريب وخطوة غير موفقة، انتهجتها مؤخرًا بعض الشركات المحلية الربحية المعنية بتقديم الخدمات للمستفيدين، ففي حال رغبت هذه الشركات إشعار عملائها من خلال الرسائل النصية وتنبيههم أو الاستفسار عن أمر ما، تعمد هذه الشركات إلى استخدام اللغة العامية الدارجة بين العوام، بدلًا من اللغة العربية الفصحى. كنا نشتكي في وقت سابق من المفردات السطحية والعامية على اللوحات التوجيهية المعلقة على واجهة المحلات التجارية، وكنا نتذمر من تلك الإعلانات التجارية التي نصبت على قارعة الطريق، وأغفلت عمدًا أو عجزًا استخدام مفردات اللغة العربية الفصحى في إعلاناتها، واليوم نفاجأ بما هو أدهى وأمر، نفاجأ بهذا التحول الغريب في توظيف اللغة لأغراض التسويق، أقصيت اللغة العربية الفصحى، واستعيض عنها بمفردات عامية لم يكن ينبغى إقحامها في هذا الموضع، حتى خلطت اللغة العربية بالكلمات الأجنبية، كأن اللغة العربية قاصرة في الوصول إلى العملاء وتوصيل الهدف المنشود للمنشأة.

هذا التلوث اللغوي ــ إن صح التعبير ــ لم يكن مستساغًا ولا مقبولًا البتة في وسائل الإعلام، ولا في الإعلانات التحارية لسنين مضت، يحدث ذلك رغم الجهود التي تبذلها المؤسسات المعنية باللغة العربية، فبالإمس القريب افتتح الأمير خالد الفيصل، مستشارُ خادمِ الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة المكرمة، مؤتمرَ اللغة العربية تحت شعار «الهوية والتمكين والأثر» والذي يهدف بطبيعة الحال إلى تشجيع القطاعات والمؤسسات لتعزيز التنمية اللغوية، والمحافظة على ترسيخ الهوية العربية في المجتمع.

هذا المجتمع الذي أصابته الدهشة من تلك المفردات، ومنها ــ على سبيل المثال: (لاقونا في فرعنا الجديد...، تعبت تدور علينا إحنا أقرب منك إليك، إيش تستنا قوم عشينا).. وغيرها من أجل التسويق التجاري، دونما أي اعتبار لأن هذا قد يشكل خطرا على اللغة وهوية المجتمع اللغوية، خاصة في ظل تفشي لغات أجنبية في كثير من المؤسسات والشركات، لست ضد اللغات الأخرى وتعلمها، لكني فقط أذكر أن لنا هويتنا اللغوية التي يجب علينا أن نبقيها حاضرة قوية.