لست خبيرًا في كرة القدم، الرياضة في شق، وأنا بآخر.. يقولون إن معركةً ناشبه بين هذا وذاك، أعني جماهير أعرق الأندية السعودية.. استوعبت مؤخرًا، أن كثيرًا من الأحبة النصراويين، وعلى رأسهم رئيس النادي الصديق مسلي آل معمر فرحين بذاك البُرتغالي الذي جاء من أوروبا ليختتم مسيرته الحافلة في آسيا، وليُحقق لهم ما لم يتحقق، لعل وعسى.. ليفرح أخي الأكبر أبا تركي، باعتباره نصراويًا صميمًا يتأثر هو والجمهور المحيط بفوز أو خسارة ناديهم العالمي.

المُهم، أذكر أني تابعت على استحياء دورة كأس العالم التي أقيمت في قطر، أو من بعيد لبيعد،عرفت أن المنتخب البرتغالي الذي يمثله رونالدو خرج باكرًا ذرف الرجل دموعه، حسرةً سببها الخذلان؛ فهو الواحد الذي لا يستطيع تحقيق النصر لمجموعة، أو دولة بمفرده.

منطق الفوز والخسارة يقودني للنظر بالصراع السياسي القائم بين القيصر في موسكو، والغريم التقليدي في واشنطن، أحدهم يملك القوة على الآخر، هذا يُريد ترميم جروج من سبقه، وذاك يريد تحقيق الثقل لبلاده؛ وتكريس مفهوم شرطي العالم، وهذا انتهى؛ أو تجاوزته المرحلة.

خرج الزعيم الروسي من تحت ركام الثلوج، وهو ربيب المخابرات الروسية، وأسرّ للمقربين بأن الخريطة الكبرى يجب أن تلتئم جراحها، يملك الرجل مقومات القوة، ليست العسكرية فحسب، بل حتى الاقتصادية، أجابه بايدن بضرورة المواجهة، وهو بكل الأحوال لا يملك خيار التصادم المباشر، لكنه استطاع تمرير قرار تمويل الدولة التي تحارب الدب الروسي بالمال والسلاح، وافق الكونجرس المتصرف بكل شيء على ذلك، وحتمًا لن يستمر طويلاً في صرف مزيد من المال والسلاح، هذا فيما يتعلق بالوضع العالمي.

أما ما يختص بالشأن الإقليمي في المنطقة، فالشارع ملتهب في طهران منذ أشهر، إذ أثارت سيدة لفظت أنفاسها الأخيرة على يد من يُسموا بحراس الفضيلة في إيران حفيظة الشارع، وأصاب الغضب الرأي العام الإيراني،يخشى الجميع أن يأتي الدور على شخصه، نظير وجود حكومة لا تفهم إلا لغة السلاح والقتل، وحبال المشانق.

هبّ الإيرانيون بوجه دولة علي خامنئي، الوريث الشرعي للخميني، الذي أسس الدولة على انقلاب وتوحش، كانت إيران فيما مضى مدنية كحديقة تسر الناظيرن، إلا أنها تحولت مع مرور السنين إلى مرتعً للمتوحشين.

وبشار الأسد في عاصمة الأمويين يعيش سباتًا فاخرًا، أو يُمكن أن يكون قد وقع في الشراك الخامنئية، كما وقع صديق مرحلته حسن نصر الله، الذي حوّل لبنان بقوة السلاح الإيراني إلى مزرعة يقتات عليها عتاة الإرهابيين القادمين من إيران، وأفغانستان، والعراق، وقبلهم لبنان.

فالأنباء القادمة من دمشق تعيسة، تشي بتوغل إيراني في مناطق سورية، بل أن بعض التقارير ألمحت إلى تفاقم عمليات شراء الجاليات الإيرانية لأراضِ سورية، لا سيما جنوب العاصمة دمشق، حيث منطقة السيدة زينب، ذات الرمزية الشيعية الكبرى؛ حتى إن السوريين أطلقوا شعار «الضاحية الجنوبية لدمشق»، أسوةً بالضاحية الجنوبية لبيروت معقل ميليشيا حزب الله الإرهابية.

وذلك الأمر يخفي ما وراءه ما يخفي، إذ يتضح أن اللعب بات على المكشوف.. كيف؟ معروفٌ أن النظام الإيراني كان على مدى سنوات يعمل بالخفاء على تغيير التركيبة الديموغرافية السورية، من خلال شراء الأراضي والمنازل، بالإضافة إلى حملات التشيع مقابل «الدولار»، إلا أن تلك المعادلة تحولت، وبات يعمل على ذلك في العلن، ويرتبط هذا التوجه بسعي طهران للحصول على منفذٍ بحري يساعدها في تمرير السلاح من سوريا إلى لبنان والعكس، وهذا خطرٌ محدق بالمنطقة برُمتها.

أعود لفكرة المقال الرئيسة، وأقول، إن النظر إلى المنطقة بعينٍ ثاقبة، يكشف شكلين من أشكال سياسات دول المنطقة، الأول: تعمير وبناء ونهضة، والآخر : دمار وخراب، الأولى حسب رؤيتي تمثلها بلادي المملكة العربية السعودية ، التي تسارع خطواتها في التنمية والبناء،، والأخرى تجسدها الجمهورية الإيرانية ومن يسير في فلكها من الرعاع، في دمشق وبيروت وصنعاء وبغداد.

بمعنى أن هناك مشروعين في المنطقة التي ربما لا يُدرك ساسة طهران وعملاؤها في العواصم المذكورة آنفًا أهميتها، وذلك لإنزوائهم تحت مشروع تخريبي يقوم على الطائفية والنعرات المذهبية، التي أثبتت فشلها من خلال وقوفها وراء جُل حروب المنطقة وعوامل تفرقتها من النواحي السياسية والاجتماعية، والأدلة كُثيرة، المساحة لا تتسع لذكرها.

أتفهّم أن عنوان المقال يتضمن نوعًا من الغرابة في الربط، إلا أن الهدف أعمق مما يتصور الكثيرون، إذا تم ربط ذلك بالسياسة في نهاية المطاف.

لذا يمكن القول، إن استقطاب نجم من نجوم الرياضة على مستوى العالم للمملكة، بعيدًا عن مستقره الأخير أين يكُون، سيحقق أهدافًا أعمق من مناكفة جماهير رياضية لبعضها البعض، وأكبر حتى من سياسات بعض دول المنطقة، وهذا بالمناسبة اسلوب مُجد لتسليط الضوء ليس على الدولة فحسب، بل على تطورها وثقافتها وموروثها، وانفتاح مجتمعها الذي يتمتع بأعلى سقف من التنمية والتحديث.

إنها القوة الناعمة، التي لا تفهمها بعض العواصم.. فلغة الدم هي السائدة لديهم.. لا بأس.. فلهم لغتهم ولنا لغتنا، وربما لهم دينهم.. ولنا دين.. نهاركم سعيد.