حين نحتفي بإنجازات مرافقنا الأكاديمية نتفحص معالم المسار، ونختبر ما كنا عليه وما صرنا إليه، مستذكرين تجربة تراكمية هائلة، ومطمئنين على بنية تحتية معرفية عميقة الأوتاد.

فقبل يومين عايشنا إحدى التجارب الناجحة التي شهدتها جامعة الملك سعود، المرفق الأكاديمي العملاق، حيث احتفل قسم الإعلام فيها، وبرعاية كريمة من رئيس الجامعة الدكتور بدر العمران، بمرور خمسين عاما على تأسيس القسم، والذي جاء كأول قسم إعلام في منطقة الخليج العربي، والثاني في محيطنا العربي الكبير.

كان الالتفات للمناسبة والاحتفاء بها فكرة لامعة، فنصف قرن من الزمان على نشأة القسم الشامخ يعني أن هناك عملا عظيما قام به الآباء المؤسسون، ويعني أن هناك طريقا قد تم شقّه وتعبيده وتهيئته دون معالم لمسار سبقه في المجال المحيط، مثلما يعني أن هناك عملا تواصلت خطواته، ومخرجات نوعية للقسم، ذات بصمة في واقعنا، وآثار مستمرة ومتنامية في رسم معالم المستقبل.

لذلك اهتمت الجامعة على أعلى مستوياتها باليوبيل الذهبي للقسم، كما كانت كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية ممثلة في عميدها الدكتور عبد الوهاب أبا الخيل ساعدا قويا في حمل الفكرة لتصبح موضع التنفيذ، إضافة لما بذلته رئيس قسم الإعلام الدكتورة عهود الشهيل من جهد، وجميع منسوبي القسم، لترى الفكرة النور في أبهى صورة.

كان تدشين الاحتفالية يوم الإثنين غرة رجب الحالي، مناسبة اجتمع فيها العديد من أهل الإعلام في جميع مجالاته، تابعوا الفعاليات الخطابية بكل اهتمام، وسجل الشعر حضوره فيها، مثلما استمتع الجميع بالعرض السينمائي الوثائقي لقسم الإعلام بالجامعة.

كذلك جاءت الفعاليات المصاحبة للاحتفالية على درجة عالية من التنظيم والمتابعة، وأضافت ذخيرة ثرية من المعلومات التي تبقى زاداً معرفياً لمن يحتاجها، حيث كان هناك معرض زاخر بنماذج من مقتنيات القسم، احتوى على أجنحة أتاحت للزوار الاطلاع على محطات تعكس ملامح من بدايات العمل بالقسم، وتسلط الضوء على ما تحقق من نجاحات على مستوى التأهيل والمواكبة.

أيضاً شهدنا على مدار يومين ندوتين مهمتين ناقشت إحداهما (التجربة السعودية في تدريس الإعلام: الواقع والصناعة)، وجاءت الأخرى تحت عنوان (من تجاربهم)، بمشاركة خبراء أكاديميين ومتخصصين ذوي دراية عميقة بالمجال، شكلوا إضافة نوعية للحدث، ستبقى ضمن المحتوى المعرفي المميز للقسم.

لقد كان اليوبيل احتفالية رائعة، ولفتة تستحق الإشادة، تمت بحضور ومشاركة مشكورة من المؤسسات الإعلامية المرموقة.. شركاء المجال، وبتضافر جهود بذلها طلاب وطالبات الجامعة، فكانت مناسبة ذات مردود إعلامي ومعنوي وأكاديمي جديرة بالثناء والتقدير.