رفض استشاريون ومتخصصون في طب وعلم النفس، الاعتراف بنتائج التقييم الذاتي للاكتئاب كأداة تشخيصية، يلجأ إليها الشخص بنفسه دون الرجوع لذوي الاختصاص، لمعرفة ما إن كانت لديه أعراض اكتئاب أم لا، مؤكدين لـ«الوطن» أنه لا يمكن استبدال التقييم النفسي التخصصي، المبني على أعراض تشخيصية محددة ومعترف بها عالميا، يقوم عليها ممارسون صحيون مؤهلون، سواء كانوا أطباء نفسيين أو أخصائيين نفسيين، بتطبيق يسمى مقياس لدرجة الاكتئاب، يمارسه الشخص بنفسه، لأن هذا المقياس يتضمن 3 أوجه قصور تعطي نتائج مضللة، وهي:

01- عدم استقرار الدرجات على فترات زمنية قصيرة «على مدار يوم واحد».

02- الافتقار إلى الدقة.

03- الحساسية لتقلبات المزاج الطفيفة التي تربك النتائج.

إجابات خاطئة

أشارت استشارية الطب النفسي الدكتورة فاطمة المحيش، إلى أن اختبار الاكتئاب من الاختبارات المهمة، التي تساهم في تطور العلاج النفسي والعلاج السلوكي المعرفي، وهو يعد أداة مساعدة للكشف عن الحالة النفسية، ومدى احتياج الفرد لزيارة الطبيب، ونظراً لأن اختبار الاكتئاب من الاختبارات الموضوعية، يمكن إجراؤه بشكل ذاتي، ولا يحتاج إلى مختص للتطبيق، فالنتائج ليست دليلا قطعيا للإصابة بالاكتئاب، لأنه من السهل إعطاء إجابات خاطئة من قبل المريض، فالاختبار لا يستطيع التأكد من صدق الردود.

مشاعر الكآبة

تضيف المحيش «يتم تطبيق اختبار الاكتئاب ذاتياً من المريض نفسه، وحتى تكون أداة مساعدة فعالة، لا بد من تحري الدقة أثناء الإجابة، واختيار الوقت المناسب للتطبيق «أي لا يصح التطبيق بعد موقف ضاغط أو مشكلة وما خلاف ذلك»، إذ إن هناك فرقًا بين مشاعر الكآبة وبين الاكتئاب».

محفز للمراجعة

أوضحت الأخصائية النفسية هدى السعد، أن التقييم الذاتي للاكتئاب، لا يعني أنه تقييم دقيق يشخص على ضوئه الشخص بأنه يعاني من الاكتئاب، بل ربما يكون فقط محفزا له لمراجعة العيادة النفسية للتقييم الدقيق، وتحديد نوع العلاج المناسب إذا ما تبين أنه مصاب بالاكتئاب، أو قد يكون لدى بعض الأفراد وعي جيد، يخولهم إمكانية تجاوز أزمة الاكتئاب في بدايتها عن طريق المعالجة الذاتية، بالبحث في القنوات التوعوية الخاصة أو قراءة الكتب التنموية التي قد تساهم في مساعدتهم، على تغيير بعض أفكارهم أو نمط حياتهم.

مشددة على اتباع التعليمات في الاختبار، والإجابة بما يشعر به الشخص حقا خلال آخر أسبوعين أو ثلاثة أسابيع.

أعراض الحزن العارض

أضافت السعد أن «بعض أعراض الاكتئاب تتشابه في نوعها مع أعراض الحزن العارض، الذي قد يمر به أي شخص نتيجة لأزمات الحياة اليومية، وإذا استمرت تلك الأعراض معه لفترة طويلة، تعيقه عن ممارسة أنشطته اليومية مع وجود أفكار سلبية، وتستمر لأكثر من أسبوعين قد يكون دخل في أزمة اكتئاب، وإذا كان لدى الشخص استبصار بحالته، ويتلقى الدعم النفسي الجيد، ستكون فرصة تجاوزه للأزمة أفضل بكثير، عما لو تأخر في طلب المساعدة أو العلاج، والذي يختلف في نوعه بحسب حدة الأعراض، ومدتها وتأثيرها على جوانب الحياة».

ورأت السعد أن كل إنسان قد يكون عرضة للإصابة بالاكتئاب، بسبب مواقف الحياة الضاغطة، والتي يختلف الأشخاص في القدرة على تحملها، وبالتالي تختلف ردود أفعالهم وتفاعلهم معها حسب تلك القدرات.

وبينت أن الوعي بمقومات الصحة النفسية والعمل بها، يساهم إلى حد كبير في رفع مستويات التقبّل للأحداث الضاغطة والتفاعل معها بشكل إيجابي، وكذلك الوعي بأعراض الاضطرابات النفسية، وتحديدًا الاكتئاب، الذي يعد الأكثر انتشارا، ويساهم في استبصار الشخص في ذاته، وبالتالي يعرف كيف يتعامل مع الأعراض العارضة، ومتى يطلب التدخل العلاجي، كما يستطيع معرفة ما إذا كان أحد المقربين منه قد يعاني من اضطراب ما، فيقدم له المساعدة، ومن أجل ذلك حرص المركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية في المملكة، على تبني برنامج المساعدة النفسية الأولية، وتأهيل المختصين لتقديمه إلى أكبر شريحة ممكنة من أفراد المجتمع".