حين يجتمع الفقه والفهم للدين، مسلحًا بالحزم وشفوف النظر، يطل اسم وزارة الشؤون الإسلامية دون تكلّف استحضار، بأخبار تتسارع، وهمّة لا تكل، فيلمع اسم وزيرها الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، بنشاطه الدؤوب، وعزمه الذي يطاول عنان السماء، فيصل إلى استقبال أكثر من عشرة وفود في يومين، يتخللها مشاركة في مؤتمر! من كازاخستان، إلى إندونيسيا، مرورًا بتايلند، إضافة إلى استقبال الوفود التي لا تكاد تنقطع في المملكة العربية السعودية.

صلابة صُقلتْ من قَبلُ في مصنع المواجهة المشتعلة، حين اصطف مع الحق دون تردد، إلى جانب دينه ووطنه وقيادته، عندما احتدم التخريب، وعلا صوتُ التحريض، واشتعل سوق التدمير، فكان من يواجه الإرهاب يغري المتطرفين بدمه، وماله، وسمعته، فآثر المخاطرة، على المداورة، ولم تزده الخطوب إلا صلابة، حتى انحسر جمع المتطرفين، ولم يهنأ له بال، فجعل من الوزارة حرَبة تنكأ كل نزِق متطرف، فلا موضع فيها إلا للاعتدال والسماحة، وتمثيل روح الإسلام القويم.

من يعرف أيَّ صلابة فيه في ذلك العهد، وهو يواجه تلك الأخطار، ثم يرى الحرص والرحمة التي تلف خطابه في الدعوة، والإرشاد، يدرك أنه لا يمكن فهم اجتماع ذا وذاك، إلا فيمن تجسد فيه ما يمكن للأب أن يفعله دفاعًا عن أبنائه، فأيُّ شراسة يمكنها أن تقوم حمايةً لجانب الرحمة بمن يعول! فاشتد على المجرمين رحمةً بالعباد والبلاد، وتكلل جهده تحت ظل راية خادم الحرمين الشريفين، ووليّ عهده حفظهما الله بما نشهده اليوم، من أمن وأمان، وطرد للتطرف من الوعي، والهوية، والثقافة السعودية.

سفر يتلوه لقاء، كلمة يتخللها تكريم، هكذا جهود الوزير، دون أن تنسيه التواصل مع المواطنين، فأي فقه وعلم يمكنه أن يخدم الإسلام والمسلمين حين يمثّله عقلاء متزنين من معدن الوزير د. عبداللطيف، الذي وصلت وزارة الشؤون الإسلامية، برئاسته، إلى مناطق عديدة في مجتمعات مترامية الأطراف، فكان سبّاقًا إلى احتواء أبناء تلك المناطق، وتقديرهم، والتعاون معهم لنشر الدعوة الإسلامية، وتفقيه الناس بضوابطها الرصينة.

وفضلًا عما في هذه الجهود من رجاء جزيل الثواب، بتصحيح مفاهيم الإسلام التي تزاحمت على تشويهها مختلف الجماعات السياسية المتطرفة، وتبصير الناس ليعبدوا ربهم على بيّنة، ففيه خدمة لتلك المجتمعات، بصيانتها عن شَرَك استغلال أبنائها من الجماعات المتطرفة، أو التوظيف لخدمة دول كإيران باستغلالها الخطاب الديني والمذهبي، للتحريض السياسي، بما يكون خرابًا على المجتمعات التي تُسلِم نفسها لتلك الدعايات الهدّامة.

هذه الخطوات، يقودها باحترافية عالية، وزير ذو علم ديني رفيع، لتبدي للمراقب أي عمق تقدّمه الوزارة في تشكيل قوّة ناعمة للسعودية، بمفهومها الوسطي المتزن بما يمكنه أن يصنع سدًا في وجه الجماعات المتطرفة، وخطر التوظيف الإيراني على سواء، هذا التأثير يندرج في مجمل الجسم الدبلوماسي السعودي، بالدفاع عن المملكة وقيمها، إلى إقامة العلاقات وتعزيزها، وخدمة المجتمعات المسلمة، بما يسهل ويعين السياسة الخارجية، وأثره كذلك يمتد إلى صيانة المجتمع السعودي، والعربي عمومًا من الاختراقات الفكرية، التي شهدتها المنطقة في التسعينات، ومطلع الألفية الثانية، بخطابها المتزن، وقدرتها على احتواء مختلف الأطياف الإسلامية، في نسق معتدل، يغص لوجوده حتمًا جماعات التطرف بمختلف أطيافها.

وكما جاء في صحيح البخاري: «لم يأتِ رجل بمثل ما جئت به إلا عودي»، قالها ورقة بن نوفل للنبي صلى الله عليه وسلم في بداية دعوته، فأمام هذه الإنجازات، وهذه الخدمة العظيمة للإسلام والمسلمين، تتجه ألسنة حاقدة، وأقلام مسمومة، للتحريض على الوزير، إذ غاظهم ما شاهدوه من حفاوة المسلمين في مختلف الأقطار به، وسعادتهم لحضوره، وتأثرهم بكلماته، ليقف في وجههم، كل من عرف قيمة تلك الجهود العظيمة، فـ«من لا يشكر الناس لا يشكر الله»، وحق على المسلمين عمومًا أن يعرفوا أيَّ جهود بذلتها وزارة الشؤون الإسلامية، وهي تنافح عن أبناء المسلمين، عبر تعليمهم دينهم من منابعه الصافية، دون كدر التطرف، الذي أرسل أبناء المسلمين والعديد من المجتمعات إلى سراديب الجريمة، والتيه، والضياع.

تشكّل وزارة الشؤون الإسلامية عمادًا أساسيًا للدولة السعودية، وهي تخطو خطواتها الواثقة نحو التقدّم ورفعة الإسلام، ونهضة العرب، بحزم لا يكل، ورأفة عالية بعموم الناس، في مستقبل لا مكان فيه لمنحل، ولا متطرف، تدعو إلى الفخر، والدعم من كل من ردد شهادة التوحيد.