نشرت دورية «ساينس Science» في 9 مارس بحثًا لعلماء من الأكاديمية الصينية للعلوم وبالتعاون مع جامعة كاليفورنيا (سان دييغو) الأمريكية كشفوا فيه أسرار لغة التواصل بين النحل.

قال «جيمس نيه» الباحث في علم الأحياء في جامعة كاليفورنيا لموقع ذا كوفيرزيشن «إنه لطالما سألت نفسي لماذا يحتاج البشر والحيوانات الأخرى إلى تعلم اللغة واكتسابها بدلًا من أن يولدوا وهم يعرفونها، وهذا السؤال هو ما جعلني أقضي عقودًا في دراسة لغة النحل وكيف يمكن أن تكون تطورت الاتصالات فيما بينهم».

رقصة النحل الاهتزازية

من المثير للدهشة أن النحل يمتلك أحد أكثر طرق التواصل تعقيدًا، مثلما نستخدم نحن «خرائط قوقل» لتحديد الوقت والطريق للوصول إلى موقع ما، يستخدم النحل «رقصة اهتزازية» لإخبار بعضهم بعضًا بمكان الطعام أو الماء.

ولكن، لا يُعرف سوى القليل عما إذا كانت «الرقصة الاهتزازية» سلوكًا فطريًا بالكامل أو سلوكًا تم تعلمه من خلال التعلم الاجتماعي في مستعمرات النحل مثل التعلم بين البشر. يرقص النحل في سلسلة من الحلقات على شكل رقم 8، وتتغير زاوية وطول كل مسار مع تغير اتجاه الطعام والمسافة التي سيقطعها النحل للوصول إليه، وليس ذلك فحسب، بل ستخبرهم أيضًا تلك الرقصة بجودة الطعام مثلًا إذا كان الرحيق عالي الجودة أم لا. هل يمكن أي يرتكب النحل خطأ في توجيه أقرانه إلى الطعام؟ رقصة النحل صعبة للغاية، فقد يصعب على النحلة الراقصة الحفاظ على زاوية ومدة الاهتزاز الصحيحين، وعادة ما يكون الاهتزاز في ظلام دامس وعلى سطح غير منتظم ووسط حشد من النحل المتصارع.

لذلك يمكن أن يرتكب النحل ثلاثة أنواع مختلفة من الأخطاء: الإشارة إلى الاتجاه الخاطئ، أو الإشارة إلى مسافة خاطئة، وهذان الخطآن يجعلان من الصعب على النحل الآخر الوصول إلى الموقع الصحيح، أما الخطأ الثالث هو ارتكاب الأخطاء في أداء نمط الرقصة، وهو ما يسميه الباحثون «أخطاء الفوضى أو الاضطراب» والتي قد تجعل من الصعب على النحل الآخر متابعة الرقصة.

خطوات التجربة

عرف العلماء أن جميع النحل من نوع «نحل العسل الغربي Apis mellifera» يبدأ في البحث عن الطعام والرقص عندما يكبرون فقط، حيث يبدأون في متابعة النحل المتمرس عندما يبلغون من العمر 8 أيام، ويطيرون للبحث عن الطعام لأول مرة عندما يكون عمرهم 9-10 أيام.

يشرح جيمس «أنشأنا أنا وزملائي خمس مستعمرات لنحل لم يتعلم الرقصات الاهتزازية من قبل لأنهم كانوا جميعًا في نفس العمر (عمرهم يوم واحد) ولم يكن لديهم نحل أكبر سنًا وأكثر خبرة ليتبعوه، ومن ناحية أخرى، للمقارنة، أنشأنا خمس مستعمرات عادية، احتوت على نحل من جميع الأعمار، حيث يمكن للنحل الأصغر أن يتبع الراقصين الأكبر سنًا وذوي الخبرة في تعلم الرقصات الاهتزازية، وقد زودنا جميع المستعمرات بالغذاء اللازم، ورصدنا النحل وتتبعناهم بالكاميرات».

نتائج التجربة

قال «شيهاو دونغ» الباحث في أكاديمية العلوم الصينية والمؤلف الأول في الدراسة في البيان الصحفي «إذا كانت الرقصة الاهتزازية فطرية تمامًا، فسيكون النحل الصغير قادرًا على أداء الرقص بشكل صحيح، حتى لو لم يشاهدوا النحل المتمرس يرقص من قبل».

لكن على العكس، وجد الباحثون أن النحل الذي لم يتمكن من متابعة رقصات النحل المتمرس أنتج رقصات ذات أخطاء في الاتجاه والمسافة وفي أداء الرقص، أكثر بكثير من رقصات النحل المبتدئ في المستعمرات العادية.

واستكمل جيمس «ثم اختبرنا نفس النحل بعد 20 يومًا، عندما كانت لديهم خبرة في البحث عن الطعام، ووجدنا أن النحل الذي لم يكن لديه معلمون ارتكب مع الوقت عددًا أقل بكثير من الأخطاء في رقصه، ربما لأنهم مارسوا الرقص أكثر أو تعلموه من خلال اتباع راقصين آخرين، بينما ظلت رقصات النحل في المستعمرات العادية جيدة مثل رقصاتهم الأولى، ما يعني أن النحل يولد ولديه بعض من المعرفة عن كيفية الرقص، لكن يمكنهم تعلم كيفية الرقص بشكل أفضل من خلال اتباع النحل المتمرس».