ستبقى المقولة الرائعة كذب المنجمون ولو صدفوا «وليس صدقوا»، تحاصر العرافين والكهنة والمنجمين، وتردع بعض فضائيات، وصحف، ومواقع إلكترونية تروج لتخرصاتهم، وتسوق أوهاماً أضرت بالناس.

ومما يثير الدهشة، ونحن نعيش في العصر الرقمي، إصرار تلك الوسائل على بث نبوءات، ينسبونها إلى عجوز غادرت دنيانا منذ عقود ثلاثة، «البلغارية العمياء فانجا».

ويأتي من يُكمل الدور المشبوه، لزمرة دجالين ومنهم «شمطاء الليل»عرافة، ما زالت تعوي من حين إلى آخر، وجميعهم يخرجون من جحورهم، يلتقون بمن يلقنهم ما يجب عليهم قوله ضمن تنبؤاتهم مقابل المال، لإشاعة الإحباط والقلق، وترويع المجتمعات في إطار الحرب النفسية.

والتنجيم هو الاستدلال بالأحوال الفلكية، والعَرَافة هي التنبؤ بالغيب عن المستقبل بناءً على أسئلة، أما الكهانة فهي ادعاء معرفة أسرار ما سيقع على الأرض.

وأولئك وغيرهم لا يمكنهم الإفصاح عن كيفية ممارسة طقوسهم، التي يستقونها من مصادر خفية وغامضة، وفي مقدمتها المخطوطة سيئة السمعة، منبع السحر والشرك «شمس المعارف».

وينسب المؤرخون تأليفها إلى شخص يُدعى أحمد البوني، من شمال إفريقيا، قبل أكثر من 800 سنة، حيث بدأ حياته متصوفاً، وبعد سنوات تحول لمنجم فعراف، ثم ساحر ومحضر للأرواح.

وادعى مؤلف المخطوطة، وجود انسجام بين مكونات الإنسان الرئيسة، الدم والصفراء، السوداء والبلغم، وعناصر الطبيعة، التراب والهواء، الناروالماء، من خلال حساب نتائج تشبه المعادلات الرياضية في جمع الأرقام، وتفكيك بعض الرموز الكيميائية والحروف وأسماء الجن، بطلاسم خاصة ومعاني كلمات، وخطوط ورسومات تفتح آفاقاً لمن قرأها.

لكن الثابت وفق دراسات وتجارب موثقة، أن من يتعامل مع تلك المخطوطة تقوده حتماً إلى اضطرابات عقلية شديدة، وازدواج في الشخصية، وتخرجه من حدائق الإيمان والسكينة، نحو متاهات الشرك والضلال والعياذ بالله.

ويرى الكاتب فوزي صادق، في روايته «سدوم» الجزء الثاني، أن كتاب «شمس المعارف ولطائف العوارف»، أثار جدلاً في أوساط العلماء المسلمين، منذ القرن السادس الهجري وحتى اليوم.

ووصفه بأنه أخطر وأغرب كتاب في التاريخ، بسب استخداماته والتجارب التي مر بها، وكميات الغموض والرعب التي يحملها.

وفي الجزء الثالث من رسالة للشيخ خالد الحبشي، عنوانها «إنه كفر شمس المعارف» ضمن سلسلة كتابه «العلاج المباح في شفاء الأجساد والأرواح»، حذر الناس من الوقوع في الشرك، وكُتب السحر والمشعوذين، استجابة لوسواس النفس والشيطان.

وقال «إن النظر في مثل هذه الكُتب، قد يسقط المطلع عليها في غمضة عين، وهو لا يشعر بانقلاب قلبه، وتحول تفكيره، واستحسان نفسه، وتزيين شيطانه لهذا الكفر والشرك، قيقع المسكين كما وقع من هو أحرص منه».

والسؤال اليوم... إذا كانت تلك المخطوطة هي المصدر والإلهام للدجالين، فكيف نصدقهم ونستمع لهرطقاتهم؟.