قبل أقل من عقد من الزمان، كانت إفريقيا موطنا لنحو 60% إلى 65% من الأراضي الصالحة للزراعة وغير المزروعة في العالم و 10% من موارد المياه العذبة المتجددة، كما أفاد الاتحاد الأفريقي في 2016، بينما خلص إلى أن مزارعي إفريقيا يمكنهم إطعام العالم.

هل لا يزال الحال على ما هو عليه؟

وفقا لموقع reliefweb، تم توفير البيانات المذكورة أعلاه في يوليو 2016 من قبل الهيئة الفنية للاتحاد الأفريقي (AU). والآن بعد مرور 7 سنوات، تواجه ثاني أكبر قارة على وجه الأرض - بعد آسيا - الكثير من الضغوط والمخاطر الخارجية.

والنتيجة الرئيسية هي أن هذه النسبة الكبيرة من الأراضي الصالحة للزراعة تتدهور مع فقدانها ما يقرب من ثلاثة ملايين هكتار من الغابات سنويا.

جدران عظيمة

وأدى التدهور والتصحر المتزايدان باطراد في المناطق الإفريقية الرئيسية إلى قيام دول القارة ببناء جدران خضراء كبيرة. أحدها "الجدار الأخضر العظيم"، وهو أكبر هيكل حي على هذا الكوكب، يمتد على مسافة تزيد عن 8.000 كيلومتر عبر إفريقيا، وذلك بهدف استعادة المناظر الطبيعية المتدهورة في القارة وتحويل حياة الملايين في منطقة الساحل، والدخول في حقبة جديدة من الاستدامة والنمو الاقتصادي.

وتم إطلاق مبادرة الجدار الأخضر العظيم عام 2007 من قبل الاتحاد الإفريقي، ويتم تنفيذ المشروع في 22 دولة أفريقية ومن المتوقع أن ينعش آلاف المجتمعات في جميع أنحاء القارة.

وقد تم بالفعل ترميم مساحات شاسعة من الأراضي على طول الجدار الأخضر العظيم من قبل المجتمعات المحلية. وحتى الآن، تم التعهد بـ 80% من 19 مليار دولار أمريكي، كما ذكرت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (UNCCD).

عقبات كارثية

إن العوامل الدخيلة التي ما فتئت تدفع إفريقيا نحو هاوية الجفاف الشديد للغاية، والفيضانات التي لم يسبق لها مثيل، والتدهور المتزايد لأراضيها ومواردها المائية، قد دفعت هذه القارة إلى الاندفاع إلى بناء جدران أكثر وأطول.

فعلى سبيل المثال، تعكف منطقة الجنوب الإفريقي حاليا على إعداد برنامج مماثل، حيث تلتزم جميع البلدان الـ 16 في المجموعة الإنمائية للجنوب الإفريقي بتسريع التحول المتعدد القطاعات من خلال مبادرة إقليمية مستوحاة من الجدار الأخضر العظيم في منطقة الساحل، أو مبادرة الجدار الأخضر العظيم للجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي.

وتضم الدول الأعضاء في الجماعة الإنمائية: أنغولا وبوتسوانا وجزر القمر وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإسواتيني وليسوتو ومدغشقر وملاوي وموريشيوس وموزمبيق وناميبيا وسيشيل وجنوب إفريقيا وتنزانيا وزامبيا وزيمبابوي.

جدار للجنوب الإفريقي

وتهدف المبادرة إلى خلق مناظر طبيعية منتجة في منطقة الجنوب الإفريقي تساهم في الازدهار الاقتصادي الإقليمي الشامل اجتماعيا والاستدامة البيئية. والهدف هو الشروع مع البلدان الأعضاء والشركاء الرئيسيين في إقامة شراكات متعددة القطاعات والحصول على تعهدات بقيمة 27 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025.

ويواجه الجنوب الإفريقي، الذي يغطي مساحة إجمالية تبلغ 10 ملايين كيلومتر مربع، آثارا مباشرة للتصحر وتدهور الأراضي والجفاف، فضلا عن التحديات الناجمة عن تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي وممارسات التنمية غير المستدامة في قطاعات الزراعة والطاقة والبنية التحتية، حسب اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر.

ليس فقط الأشجار

إن استعادة المناظر الطبيعية للغابات هي أكثر من مجرد زراعة الأشجار، ففي قارة من المتوقع أن تمثل نصف النمو السكاني العالمي بحلول عام 2050، يعد خفض انبعاثات غازات الدفيئة وعزلها نتيجة ثانوية مرحب بها لإعادة تلك المناظر الطبيعية إلى الصحة والربحية؛ لكنه ليس التركيز الأول ، حسبما ذكرت غابرييل ليبتون ، رئيسة تحرير أخبار المناظر الطبيعية.

علاوة على ذلك، فإن أكثر من 1 من كل 5 أشخاص في إفريقيا يعانون من نقص التغذية، وتزداد الهجرة القسرية عبر حدود البلدان بسبب تغير المناخ والصراع، لا تزال الاقتصادات الأفريقية تكافح بشدة لخلق فرص عمل للشباب.

ويبقى السؤال: هل هناك فرصة لأن تتعافى إفريقيا قريبا من آثار الكثير من الأضرار الخارجية، فيما تكافح القارة البالغ عدد سكانها حوالي 1.4 مليار نسمة، على كافة المستويات؟