لا نعلم هل نقول إنه سيئ الحظ أو سيئ الحظ جداً لأنه في عام 2011 اشترى رجل بريطاني عملات بيتكوين بنحو 5 آلاف ريال (تقريبا مئة ألف وحدة بيتكوين) كانت قيمة الفئة الواحدة عدة هللات، وكانت مخزنة في جهازه المحمول، وبعد أربع سنوات اضطر للسفر وحيداً إلى إسكتلندا شمال المملكة المتحدة للعمل هناك، وترك زوجته وحيدة وعاد بعد 3 سنوات بعد أن أنهى رحلة عمله، وكانت زوجته قد أعدت له مفاجأة كانت تظن أنها أسعد مفاجأة، وهي أنها اشترت له جهازا محمولا جديدا، فسألها عن جهازه القديم فأخبرته أنها قد تخلصت منه في حاوية النفايات قبل يوم أو يومين من وصوله فجن جنونه، وحينما استوضحت منه الأمر أخبرها أنه قد اشترى عملات رقمية وأنها مخزنة بأكواد مع رقمها السري في جهازه المحمول الذي تخلصت منه، وقد وصلت قيمتها ذلك الوقت أكثر من مليار ريال.

وللعلم فقط «بيتكوين» في فترة من الفترات وخلال مدة لا تتجاوز 11 سنة ارتفعت قيمتها لأكثر من مليون ضعف (من 0.1 هللة عند الإطلاق لواحد بيتكوين إلى نحو 220 ألف ريال لبيتكوين الواحدة) فذهب هذا الرجل البريطاني المكلوم إلى إدارة مكب النفايات للبحث عنها وتعاقد مع عمال للبحث في المكب الرئيسي وخسر قرابة 30 ألف ريال للبحث عن جهازه المفقود ولكن لم يصل إلى نتيجة، والله وحده العالم إلى أين انتهت به الحال هل الموت أو الجنون أو شيء آخر!

هذه المقدمة تظهر جنون العملات الرقمية والتذبذب الكبير المخيف الخطير في قيتمها -فأي سلعة ترتفع بشدة من دون أسباب منطقية فمن باب أولى أن يكون هبوطها صاروخيا ولنفس الدواعي- وبداية دعونا نتعرف على تعريف العملات الرقمية وتاريخها، تعرف العملات الرقمية بأنها عملات افتراضية مصممة للعمل كوسيلة تبادل وتستخدم التشفير لتأمينها والتحقق من المعاملات وقد كانت هناك عدة محاولات في تسعينيات القرن الماضي لإنشائها، ولكن تلك المحاولات باءت بالفشل لأسباب مختلفة ثم في 2009 قام شخص مجهول ومحير يدعي أنه ياباني واسمه (ساتوشي ناكاموتو) بتقديم بيتكوين– وهو للعلم رجل لا أحد يعرف من هو أو أين هو.

ومنذ ذلك الوقت انطلقت العملات الرقمية حتى وصل عددها إلى قرابة عشرة آلاف عملة رقمية، ويتم الحصول على هذه العملات إما عن طريق شرائها أو عن طريق التعدين (التعدين هي عملية خوارزمية حسابية طويلة ومعقدة تستغرق وقتا طويلاً وجهداً وكمية طاقة هائلة لاستخراج هذه العملات) ويتم حفظ السجلات وتداولاتها بنظام محكم آمن يسمى «بلوك تشين» وهو أشبه بدفتر الحسابات للعملات الرقمية وهو نظام مشفر آمن جدا.

والعملات الرقمية هي عملات لا وجود فيزيائيا لها وغير ملموسة وغير قابلة للتلف عكس العملات الورقية. كما أن هناك العملات الرقمية والعملات المشفرة (العملات المشفرة هي جزء من العملات الرقمية وهي – أي المشفرة – عملات لها نظامها الخاص من المالك للمالك الآخر مباشرة بشكل محمي ومشفر وهي أكثر موثوقية لأنها تستخدم نظاماً مشفراً آمناً معقد جداً ولا يمكن تغيير أي معلومة فيه وكذلك معلوماتها غير متاحة لأي طرف ثالث) كما أن العملات الرقمية هي عملات مركزية تنظمها مجموعة من الأجهزة والناس، بينما المشفرة لا مركزية، العملات الرقمية تتطلب تحديد هوية المالك وبيانات التعاملات أما العملات المشفرة فتحتفظ بسرية هوية المالك، العملات الرقمية يطلع على معلوماتها فقط المشغلون للنظام أما العملات المشفرة فلا يمكن لأحد الاطلاع عليها.

يتبع....